قاضى مكة. ولى قضاءها وهو شاب، فحمدت ولايته، والذى ولاه ذلك، أمير مكة محمد بن إبراهيم الإمام، بإشارة عمرو بن قيس المكى، المعروف بسندل، ذكر الفاكهى خبر ولايته، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، قال:
حدثنى عبد الله بن أحمد بن زكريا قال: سمعت غير واحد من المكيين يقول: إن محمد بن إبراهيم ـ إذ كان أمير مكة ـ أراد أن يستقضى على مكة قاضيا، فأراد أن يبعث إلى المدينة يؤتى برجل يستقضيه، فبلغ ذلك عمر بن قيس سندل، فأتاه فقال: بلغنى أنك تريد أن تبعث إلى المدينة، تستقضى علينا منها إنسانا، فكيف تفعل هذا وعندنا من يصلح للقضاء! قال: ومن هو؟ قال: كل من بها من قريش يصلح، فإن شئت فاجلس لى فى المسجد، فأول فتى يطلع عليك فاستقضه، فهو يصلح، فقال له: تعالى العشية حتى تجلس معى، فلما كان بالعشىّ، جلس محمد بن إبراهيم فى المسجد، مما يلى دار الندوة، وجلس معه عمر بن قيس، فطلع من باب بنى جمح، عمرو بن حسن الجمحى، وهو شاب عليه ثوبان ممصّران، وله جمّة قد رجّلها، وعليه نعلان، لكل واحدة منهما رأس، فقال له: هذا؟ قال: نعم. هذا يصلح، قال: فاستقضه فى دينك، وفى رقبتك إثمه، قال: نعم، فأرسل إليه، فقال: قد رأيت أن أوليّك القضاء، فتولّه. قال: قد قبلت. ثم ذهب إلى أبويه وهما حيّان، فقال لهما: إن الأمير قد ولانى القضاء، وليس يستقيم أمرى إلا بخصلة، إن أجبتمانى إليها، وليت، وإلا تركت الولاية، قالا: وما هى؟ قال: لا تسألانى عن شيء من أمرى، ولا تذكران لى إنسانا يخاصم عندى، ولا تشفعان عندى فى شئ، فإن ضمنتما لى هذا دخلت. قال: فأوثقاه أن لا يكلماه فى شئ، فولّى وجلس، فكان أهل مكة يقولون: لم نر قاضيا مثله. انتهى.
وقال الفاكهى فى الترجمة التى ذكر فيها قضاة مكة من أهلها من قريش: وكان من قضاة مكة، أبو الوضىّ الجمحى، وقد كتبنا قصته فى موضع غير هذا. انتهى.
[٢٢١٤ ـ عمرو بن الحمق بن كاهن، ويقال ابن كاهل، بن حبيب بن عمرو ابن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخزاعى]
ذكره ابن عبد البر، مقتصرا على بعض نسبه، وقال: من خزاعة، عند أكثرهم،
٢٢١٤ ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة ٥٨٣٤، الجرح والتعديل ٦/ ٢٢٥، الاستيعاب ترجمة ١٩٣١، أسد الغابة ترجمة ٣٩٠٨).