منها: كثرة إحسانه إلى أقاربه، وصدقة قررها للفقراء الواردين من اليمن، طريق السّراة والطائف، وهى تمر يصرف لهم بمنى، لكل إنسان رطل بالمصرى، وله صدقة أخرى بهدة بنى جابر، على زوّار المدينة النبوية بطريق الماشى، وله وقف على مواراة الطرحى، وهم الموتى من الغرباء بمكة.
وكان قائما بمواراتهم قبل موته بنحو عشرين سنة، على وجه لعله أن يكون مجزيا فى المواراة أو مقاربا، وله وقف على رباط الموفق بمكة، وسبيل ماء أنشأه بقرب المروة بمكة، وقف عليه علوه، وسبيل بمنى، صهريج كبير يملأ من الماء وله رباط بسوق الليل بمكة، على النّسوة، ويقال إنه أباح لهن أن يكرين مساكنهن فى زمن الموسم ليكتسين بذلك، وللواقف اشتراط ذلك.
وتوفى فى يوم الخميس الثامن والعشرين من رمضان المعظم قدره، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بكرة يوم الجمعة تاسع عشرينه، ولم يخلّف ولدا ذكرا، وإنما خلف بنتا وعصبة، وهم بنو أخيه مسعود.
[٢٠٠٩ ـ عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن عليان بن سليمان بن عبد الرحمن القرشى المخزومى، أبو أحمد المكى]
هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وذكر أن بقية نسبهم كان فى هيكل مع شخص منهم، كان باليمن وضاع منه، وسألت عنه أيضا شيخنا القاضى جمال الدين، فقال: كان الشيخ عطية المذكور ذا مال وافر، ويعمل فيه الخير كثيرا.
بلغنى أنه سمع شخصا يقرأ قوله تعالى:(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)[آل عمران: ٩٢] فقال: أحب أموالى إلىّ المكان الفلانى، وهو حديقة عظيمة بالجموم من وادى مرّ، وفيها وجبة ماء على وقف سبيل بمكة وآخر بمنى، والحديقة والماء المذكوران موجودان إلى الآن، والسبيل مستمر، ولكن ضعف لسوء تصرف المباشرين للوقف المذكور، ولضعف البلاد أيضا. وله حكايات كثيرة يرويها الأكابر، يضرب بها المثل.
ومكتوب على لوح قبره: هذا قبر الشيخ الأجلّ، كبير القدر والمحلّ، كثير النفع لمن أقلّ.