الباب الثامن عشر
فى ذكر شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته وذرعه (١)
أما خبر توسعة المسجد الحرام: فإن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أول من وسعه بدور اشتراها ودور هدمها على من أبى البيع وترك ثمنها لأربابها فى خزانة الكعبة.
وكان فعله لذلك فى سنة سبع عشرة، وكذلك فعل عثمان رضى الله عنه. وكان فعله لذلك فى سنة ستة وعشرين من الهجرة.
وسعه عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما من جانبه الشرقى والشامى واليمانى.
ثم وسعه المنصور العباسى من جانبه الشامى، ومن جانبه الغربى.
وكان ما زاده مثل ما كان من قبل.
وكان ابتداء عمله فى المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة، والفراغ منه فى ذى الحجة سنة أربعين.
ثم وسعه المهدى بن المنصور من أعلاه ومن الجانب اليمانى، ومن الجانب الغربى حتى صار على ما هو عليه اليوم خلا الزيادتين، فإنهما أحدثتا بعده. وكانت توسعته له فى نوبتين:
الأولى: فى سنة إحدى وستين ومائة.
والثانية: فى سنة سبع وستين.
وليس لأحد من الأثر فى النفقة فى عمارته مثل ما للمهدى، فا لله يثبته. واسمه إلى الآن فى سقف المسجد الحرام قريبا من منارة الميل.
ومن عمره من غير توسعة عبد الملك بن مروان، رفع جدرانه وسقفه بالساج.
وعمره ابنه الوليد، وسقفه بالساج المزخرف، وأزره من داخله بالرخام.
وذكر السهيلى فى خبر عمارته ما يستغرب؛ لأنه قال: فلما كان ابن الزبير، زاد فى إتقانه لا فى سعته.
(١) انظر: (شفاء الغرام ٢٢٤ ـ ٢٣٢).