بأعلى مكة، حتى كانت سنة عشر ومائتين، فكتب صالح بن العباس إلى أمير المؤمنين المأمون يستأذنه فى عمل البرك الصغار التى فى فجاج مكة، وأن يكون ذلك منه، فكتب إليه يأمره أن يتخذ له بركا فى الفجاج خمسا، لئلا يتعنى أهل المسفلة، وأهل الثنية، وأجيادين، والوسط، إلى بركة أم جعفر بالمعلاة، فأجرى من بركة أم جعفر فلجا يسكب فيه الماء من بركة جعفر، إلى بركة عند شعب على ودار ابن يوسف، ثم يمضى إلى بركة عملها عند الصفا، ثم يمضى إلى بركة عند الحناطين، ثم يمضى إلى بركة بفوهة سكة الثنية، دون دار أويس، ثم يمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة.
فلما فرغ منها صالح، وخرج الماء فيها، ركب بوجوه أهل مكة إليها، فوقف عليها حتى جرى الماء ونحر على كل بركة جزورا، وقسم لحمها على الناس، وبلغ ذلك أم جعفر زبيدة، فاغتمت لذلك، ثم حجت فى سنة إحدى عشرة ومائتين، وعلى مكة يومئذ صالح بن العباس، فسمعت إبراهيم بن أبى يوسف يقول: فأتاها فسلم عليها، فلامته فى أمر هذه البرك التى عمل، وقالت: هلا كتبت إلىّ حتى كنت أسأل أمير المؤمنين، أن يجعل ذلك إلىّ، فأتولى النفقة فيها، كما أنفقت فى هذه البركة، حتى أستتم ما نويت فى أهل حرم الله تعالى. فاعتذر إليها صالح من ذلك. انتهى.
[١٣٩٢ ـ صالح بن عبد الله الترمذى]
ذكره هكذا الفسوى فى رجال أهل مكة من ميشخته. وروى عنه، عن يحيى بن زكريا بن زائدة. وروى أيضا عن حماد بن زيد، وابن المبارك، ومالك، وعنه الترمذى، وأبو يعلى، وابن أبى الدنيا، وجماعة.
قال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: وهو صاحب حديث وسنة وفضل، ممن كتب وجمع، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائتين بمكة.
[١٣٩٣ ـ صالح بن محمود بن محمد بن إبراهيم بن عبيد الله الكرومى الأصبهانى، أبو محمد]
هكذا نسبه المحب الطبرى فى «العقود الدرية والمشيخة الملكية المظفرية» وترجمه بالعلامة الزاهد أحد المقرئين بالسبع، والمدرس بالحرم الشريف، الفقيه الإمام المحدث المجاور، ثم قال: أقام مجاورا بمكة سنين، وهو الآن بها، ودرس الحديث، ثم زهد فى التدريس وآثر الخمول.