فى ذكر شيء من خبر زمزم وسقاية العباس رضى الله عنه (١)
أما زمزم فإن أول من أظهرها الأمين جبريل عليه السلام سقيا لإسماعيل عليه السلام عند ما ظمى، ولو لم تحوض عليه أم إسماعيل كانت عينا تجرى على ما فى البخارى.
وذكر الفاكهى أن الخليل عليه السلام حضر زمزم بعد جبريل عليه السلام ثم غلبه عليها ذو الفرس وقد غيبت بعد ذلك زمزم لاندراس موضعها، ثم منحها الله تعالى عبد المطلب جد النبىصلى الله عليه وسلم لكرامته، فحفرها بعد أن أعلمت له فى المنام بعلامات استبان له بها موضعها. فلم تزل ظاهرة حتى الآن، وعولجت فى الإسلام غير مرة. وذلك مذكور فى أصله.
وزمزم الآن فى بيت مربع فى جدرانه تسعة أحواض يملأ من زمزم المتوضئ منها.
وأعلا البيت مسقوف ما خلا الموضع الذى يحاذى البئر.
وهذه الصفة تخالف الصفة التى ذكرها الأزرقى فى صفة موضع زمزم.
وفى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة هدمت ظلة المؤذنين التى فوق البيت الذى فيه زمزم لإفساد الأرضة لها، وسلخ من هذا البيت الجدران الغربى والشامى من أعلاها إلى أسفلها، وبنى ذلك بنورة وحجارة منحوتة وغيرها. وسلخ من أعلا جدر هذا البيت الشرقى إلى عتبة الباب العليا فى هذا الجدر. وبنى ذلك من آجر ونورة، وأخرجوا من سقف هذا البيت الخشب المتخرب وأبدلوه بغيره، وبنوا فوق هذا الجدار أسطوانتين من آخر ونورة، لشد الدرابزين فى ذلك، وأصلحوا جميع سقف هذا البيت بالنورة والآجر، وجعلوا له درابزين من خشب مخروط نظيف بجوانبه خلا اليمانى.
وجعلوا فوق بئر زمزم شباكا من حديد، ولم يكن قبله هناك شباك من حديد وبنوا خمسة أساطين دقيقة من آجر بالنورة: ثلاثة فى الجدار الذى بالكعبة، وواحدة فى الشامى، وواحدة فى اليمانى، وجعلوا بين هاتين الأسطوانتين أسطوانة من خشب، وأخشابا بين هذين الأساطين، وسقفا من خشب مدهون ساترا لما بين هذه الأساطين