عشره؛ مائة دينار، فأبى صاحبه إلا أن يأخذه بغير شئ، فلما سأل عنه صاحبه ثالثة، رغب أبو غياث فى رده إليه على دينار واحد، عشر العشرة، فأبى صاحبه إلا أن يأخذه بغير شئ، فرده أبو غياث إليه مع شدة حاجته إليه، فلما رآه صاحبه على هيئته وهبه لأبى غياث، ففرقه أبو غياث على بناته وكن أربعا، وأختيه وزوجته وأمها.
وراوى الحكاية الإمام أبو جعفر محمد بن حرير الطبرى؛ لأنه كان حاضرا، لما وهب له الكيس، فحصل لكل منهم مائة دينار.
وأنه سأل عن أبى غياث بمكة فى سنة ست وخمسين، فقيل له: مات بعد ذلك بشهور، فى سنة إحدى وأربعين.
وكان لأبى غياث من العمر وقت هذه الحكاية ست وثمانون سنة.
وفيها مناقب لأبى غياث؛ منها رده المال مع حاجته إليه، فإنه كان فقيرا، لم يكن له إلا قميص فيه، ثم يخلعه لأهله، فيصلون فيه.
ومنها سماحة المال وتفرقته على أهله ومن حضر، بحيث لم يستأثر عنهم بشئ. ذلك فضل الله يأتيه من يشاء.
[٢٩٥٨ ـ أبو الغيث بن أبى نمى، محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة الحسنى المكى، الأمير عماد الدين]
أمير مكة، ولى إمرتها فى موسم سنة إحدى وسبعمائة، شريكا لأخيه عطيفة، وقيل: لمحمد بن إدريس، كما ذكر صاحب «بهجة الزمن» وذكر أنه أخرج محمد بن إدريس واستبد بالإمرة، وجرت بينهما حروب كثيرة قتل فيها جماعة من الأشراف، ثم عزل فى الموسم من سنة أربع وسبعمائة بأخويه رميثة وحميضة.
ثم ولى الإمرة فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، ووصل فيها إلى مكة، ومعه عسكر جرار، فيه ثلاثمائة وعشرون فارسا من الترك، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبعهم من المتخطفة.
فلما علم به أخواه هربا إلى صوب حلى بن يعقوب، فسار إليهما فى سنة أربع عشرة، فلم ير لها أثرا؛ لأنهما لحقا ببلاد السراة. انتهى.
وذكر البرزالى أن الجيش التركى أقام مع أبى الغيث شهرا، ثم ضاق منهم وقصر فى حقهم، وصار يتكسب عليهم، وكتب لهم خطه باستغنائه عنهم، فتوجهوا من عنده،