للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الخامس والثلاثون

فى ذكر حلف الفضول، وخبر ابن جدعان الذى كان هذا الحلف فى داره، وذكر أجواد قريش وحكامهم فى الجاهلية، وملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصى عليهم، وشيء من خبره (١).

كان سبب حلف الفضول: أن رجلا من بنى زبيد قدم مكة معتمرا فى الجاهلية، ومعه تجارة له، فباعها من العاص بن وائل السهمى، فآواها إلى بيته، ثم تغيب وابتغى الزبيدى متاعه فلم يقدر عليه، فجاء إلى بنى سهم يستعين بهم على العاص فأغلظوا عليه، فعرف: أن لا سبيل إلى ماله، فطوف فى قبائل قريش يستعين بهم، فتخاذلوا عنه، فلما رأى ذلك أشرف على أبى قبيس حين أخذت قريش مجالسها، ثم قال أبياتا.

فلما نزل من الجبل أعظمت ذلك قريش وتكلموا فيه، ثم اجتمع بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو أسد بن عبد العزى، وبنو زهرة وبنو تميم فى دار عبد الله بن جدعان، وعمل لهم طعاما، وتحالفوا بالله: لا يظلم أحد بمكة إلا كنا جميعا مع المظلوم على الظالم، حتى نأخذ له مظلمته ممن ظلمه شريفا ووضيعا، منا أو من غيرنا. ثم انطلقوا إلى العاص بن وائل، فقالوا: والله لا نفارقك حتى تؤدى إليه حقه، فأعطى الرجل حقه، فمكثوا كذلك لا يظلم أحد حقه بمكة إلا أخذه.

وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحلف قبل أن يوحى إليه، واغتبط به فيما قيل.

وما ذكرناه من خبر حلف الفضول لخصناه من خبرين. ذكرهما الزبير بن بكار، وذكر ما يوهم: أن سبب حلف الفضول غير ذلك. وقد أشرنا إلى شيء من ذلك فى أصله، والمشهور ما ذكرناه هنا.

وكان حلف الفضول فى شوال بعد انصراف قريش من الفجار. كذا فى خبر، ذكره الفاكهى، قال: ويقال بعد فراغهم من بنيان الكعبة. انتهى.

وأما ابن جدعان المشار إليه: فهو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تميم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى التيمى المكى، يكنى أبا زهير من رهط أبى بكر الصديق رضى الله عنه.


(١) انظر: (شفاء الغرام ٢/ ٩٩ ـ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>