فالحكم فى هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متى وجدت، بالتحريق بالنار والغسل بالماء، حتى ينمحى أثر الكتابة، لما فى ذلك من المصلحة العامة فى الدين، بمحو العقائد المضلة، ثم قال: فيتعين على ولى الأمر، إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة، ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق، وإلا فينزعها منه ولى الأمر، ويؤدبه على معارضته فى منعها؛ لأن ولى الأمر لا يعارض فى المصالح العامة. انتهى باختصار.
وقوله: وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة، إنما ذكره؛ لأن فى السؤال الذى أجاب عنه: وهل ثناء الشيخ أبى الحسن الشاذلى إن صح، حجة تنهض على فضل مصنف هذا الكتاب؟ ، يعنى الفصوص لابن عربى، فيلتمس له أحسن المخارج أولا.
ذكر شيء مما رأيته للناس فى أمر ابن عربى، غير ما سبق
فى هذا السؤال
أنبئت عن الأديب المؤرخ، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى قال: سمعت أبا الفتح بن سيد الناس يقول: سمعت ابن دقيق العيد يقول: سألت ابن عبد السلام عن ابن عربى. فقال: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا. انتهى.
ووجدت بخط الحافظ أبى الفتح بن سيد الناس، وأنبأنى عنه غير واحد، سمعت الشيخ الإمام الحافظ الزاهد العلامة أبا الفتح محمد بن على بن وهب القشيرى يقول: سمعت شيخنا الإمام أبا محمد بن عبد السلام وجرى ذكر أبى عبد الله محمد بن العربى، فقال: شيخ سوء مقبوح كذاب. فقلت له: وكذاب أيضا. قال: نعم. تذاكرنا يوما بمسجد الجامع بدمشق، التزويج بجوارى الجن. فقال: هذا فرض محال، لأن الإنس جسم كثيف، والجن روح لطيف، ولن يعلو الجسم الكثيف الروح اللطيف.
ثم بعد قليل رأيت به شجة، فسألته عن سببها. قال: تزوجت امرأة من الجن ورزقت منها ثلاثة أولاد. فاتفق يوما أن تفاوضنا فأغضبتها؛ فضربتنى بعظم، حصلت منه هذه الشجة وانصرفت، فلم أرها بعدها، أو معناه. انتهى.
وما ذكره الإمام ابن عبد السلام من أوصاف ابن عربى المذمومة، لا تلائم صفات أولياء الله تعالى.
ووجه تكذيبه فى الحكاية التى ذكرناها عنه: أنه لا يستقيم أن يتزوج امرأة جنية ولا إنسية، ويرزق منها ثلاثة أولاد فى مدة قليلة.