والجنيد، والثورى، والخواص. دخل مكة، وأقام بها، وصار شيخها، والمنظور إليه فيها.
حج قريبا من ستين حجة. وقيل: إنه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم أربعين سنة. وهو بها مقيم.
توفى سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
وذكره صاحب المرآة، وحكى عنه أنه قال: ماتت أمى فورثت منها دارا، فبعتها بخمسين دينارا، وخرجت إلى الحج، وإذا برجل فى البرية راكب على فرس، قال: إيش معك؟ قلت: ـ الصدق أنجى ـ معى خمسون دينارا، فأخذها فعدها، فوجدها كما قلت. فرمى بها إلىّ، وقال: قد أخذنى صدقك. ثم نزل من الدابة، وقال: اركبها فإنى على أثرك، ولحقنى إلى مكة. وجاور بها حتى مات.
* * *
[من اسمه محمد بن إسحاق]
[٨٨ ـ محمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبى بكر الشيرازى، الشيخ، غياث الدين، الأبرقوهى، نزيل مكة، يكنى أبا المعالى، بن أبى الفضل الشيرازى، ويعرف بالكتبى]
ولد بأبرقوه (١) فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة. وكان من جماعة السلطان شاه شجاع صاحب بلاد فارس. وجرت له على يده صدقات بمكة ومآثر، منها: الرباط الذى قبالة باب الصفا، وأوقاف عليه وعلى غيره بمكة ومنى.
وفى هذا الرباط حجر مكتوب فيه: أن الواقف شرط أنه: يسكنه الفقراء الأعجام المجردون المتقون دون الهنود، ومن لا سكن له بمكة المشرفة إلا فى الموسم، أو لا بيوت لهم.
وتاريخ وقفه سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. وفيه حجر آخر مؤرخ بسنة ست وسبعين.
وكان الشيخ غياث الدين هذا دخل إلى بلاد الشام، وسمع بها من ست العرب بنت
٨٨ ـ (١) أبرقوه: بفتح أوله وثانيه وسكون الراء وضم القاف والواو ساكنة وهاء محضة: هكذا ضبطه أبو سعد، ويكتبها بعضهم أبرقويه، أهل فارس يسمّونها وركوه، ومعناه: فوق الجبل، وهو بلد مشهور بأرض فارس من كورة اصطخر قرب يزد. انظر: معجم البلدان (أبرقوه).