وكان رأى ـ فيما قيل ـ أنه يبول فى الجوانب الأربعة من المسجد النبوى. فقص ذلك على سعيد بن المسبب، وقيل على محمد بن سيرين، فأخبره بأنه يلى أمر الأمة، أربعة من أولاده، فكان كذلك؛ لأنه لما مات، ولى الخلافة بعده ابنه الوليد حتى مات، ثم أخوه سليمان بن عبد الملك حتى مات، ثم يزيد بن عبد الملك، بعد عمر بن عبد العزيز، ثم هشام بن عبد الملك، ولا نعلم أحدا ولى أمر الأمة أربعة نفر، أولاد رجل واحد، إلا هؤلاء، أولاد عبد الملك، ثم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وأدلى أولاد الناصر على عبد الملك، ولى الأمر منهم ثمانية نفر، سبق ذكرهم فى ترجمة أبيهم الملك الناصر.
توفى عبد الملك، فى شوال سنة ست وثمانين من الهجرة، وكان يلقب: رشح الحجر؛ لبخله، وأبا ذبان؛ لبخره.
وسئل عنه بعض الكبار، فقال: ما أقول فى شخص، الحجاج من سيئاته، تجاوز الله عنه.
ومن المآثر التى له بمكة، أنه عمر المسجد الحرام عمارة حسنة، وسقفه بالساج، وجعل فى رأس كل أسطوانة خمسين مثقالا، وبعث بمال عظيم لعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادى بمكة، وعمل ردما على أفواه السكك، تحصينا لدور الناس من السيل، فعمل ذلك كله مع ضفائر المسجد الحرام. وذلك لما بلغه خبر سيل الجحاف بمكة.
[١٨٨٩ ـ عبد الملك بن محمد بن ميسرة، أبو الوليد اليافعى]
كان فقيها عالما، نقالا للمذهب، ثبتا فى النقل، رحالا فى طلاب العلم، عازفا بطرق الحديث وروايته، يعرف بالشيخ الحافظ.
حج سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، فأدرك بمكة الشيخ العارف سعد الزنجانى، فأخذ عنه وعن أبى عبد الله محمد بن الوليد، ثم عاد إلى اليمن، وكان يتردد ما بين عدن والدماوة والجند، وله بكل بلد أصحاب وشيوخ، وتوفى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.
[١٨٩٠ ـ عبد الملك بن معمر بن شيريار الرافرافى]
هكذا وجدته منسوبا على حجر قبره بالمعلاة، وفيه: أنه توفى فى شوال سنة أربع وتسعين وستمائة. وترجم بالشيخ الفقيه العالم الصالح الزاهد، وما علمت من حاله سوى هذا.