الجاهلية، فلما جاء الإسلام حولوا قبورهم إلى الشعب الذى بأصل ثنية المدنيين الذى هو اليوم فيه، فقال أبو موسى حين نزله: أجاور قوما لا يغدرون، يعنى أهل المقابر، وقد زعم بعض المكيين أن قبر آمنة ابنة وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعب أبى دب هذا، وقال بعضهم: قبرها فى دار رابغة، وقال بعض المدنيين: قبرها بالأبواء.
حدثنا أبو الوليد، حدثنى محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن عاصم، قال: لما خرجت قريش إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد فنزلوا بالأبواء، قالت هند بنت عتبة لأبى سفيان بن حرب: لو بحثتم قبر آمنة أم محمد، فإنه بالأبواء، فإن أسر أحد منكم افتديتم به كل إنسان بأرب من آرابها، فذكر ذلك أبو سفيان لقريش، وقال: أن هند قالت: كذا وكذا، وهو الرأى، فقالت قريش: لا تفتح علينا هذا الباب، إذا تبحث بنو بكر موتانا، وأنشد لابن هرمة:
إذا الناس غطونى تغطيت عنهم ... وإن بحثوا عنى ففيهم مباحث
وإن بحثوا بيرى بحثت بيارهم ... إلا فانظروا ماذا تثير البحايث
حدثنا أبو الوليد: حدثنا محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عمر، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء فعدل إلى شعب هناك فيه قبر آمنة فآتاه فاستغفر لها، واستغفر الناس لموتاهم، فأنزل الله عزوجل:(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية، إلى قوله عز وجل:(وَعَدَها إِيَّاهُ).
الحجون: الحجون، الجبل المشرف حذاء مسجد البيعة الذى يقال له: مسجد الحرس، وفيه ثنية، تسلك من حايط عوف من عن الماجلين اللذين فوق دار منال الله إلى شعب الجزارين وبأصله فى شعب الجزارين كانت المقبرة فى الجاهلية، وفيه يقول كثير بن كثير:
كم بذاك الحجون من حى صدق ... من كهول أعفة وشباب
شعب الصفى: شعب الصفى، وهو الشعب الذى يقال له: صفى السباب، وهو ما بين الراحة والراحة، الجبل الذى يشرف على دار الوادى عليه المنارة وبين نزاعة الشوى وهو الجبل الذى عليه بيوت ابن قطر، والبيوت اليوم لعبد الله بن عبيد الله بن العباس وله يقول الشاعر:
إذا ما نزلت حذو نزاعة الشوى ... بيوت ابن قطر فاحذروا أيها الركب