ووجدت بخط أبى حيان محمد بن يوسف النحوى، كتابا ألفه وسماه «النضار فى المسألة عن نضار» وهى ابنته، أنه اجتمع فى مكة بابن هود، أحد غلاة الاتحادية، وسلم عليه، وتحدثا زمانا، ثم جاء إلى ابن هود إثر ذلك وسلم عليه. فأظهر ابن هود أنه لم يعرفه، وأنه ما رآه قبل ذلك. قال: وهكذا عادة هؤلاء الزنادقة، يظهرون أنهم يغيبون ويحضرون.
جرى لى مع بعضهم، وهو الذى سماه العامة: طاوس الحرم، لما أقام بمكة، وروى لهم الحديث الموضوع على رجل سمى: بأبى رتن. وذلك أنى رحلت إلى الإسكندرية سنة إحدى وتسعين وستمائة. وكان بها شخص كنا ندعوه نجم الدين الجرجانى، وكان يقرأ معنا على الشيخ شمس الدين الأصبهانى، شارح المحصول، وكان فيه انشراح وميل إلى الشباب. فذكروا أنه قعد أياما على قبر المرسى، فسرت إليه من القبر الأسرار الصوفية، فرحل إلى الإسكندرية وأقام بها.
فلما علمت أنه بها، قصدته للسلام عليه، وتجديد عهد الصحبة. ولما سلمت عليه، قلت له: أما تعرفنى؟ فقال: لا. فقلت له: صاحبك أبو حيان! . فقال: لا أدرى من أبو حيان؟ . فقلت له: الذى كان يصحبك فى القراءة على الشيخ شمس الدين الأصبهانى! . فأنكر، وأنه لا يعرف من الأصبهانى! وكذا عادة هذه الطائفة، يكثر منهم البهتان والإنكار لمن يعرفونه، فبقيت أتعجب من إنكاره لى وإنكاره للشيخ شمس الدين الأصبهانى، ثم انتقل من الإسكندرية إلى مكة، وسمى بنجم الدين الأصبهانى، وترك الجرجانى، وصار من يقدم إلى مكة، يزوره ويتحفه، ويقبل يده، ويطلب منه الدعاء. انتهى.
توفى ليلة الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، بقرب الفضيل بن عياض.
نقلت وفاته من حجر قبره. وهكذا أرخ وفاته الذهبى، إلا أنه لم يذكر الليلة، وأرخها بالشهر. وذكر أنه ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
وذكر فى العبر أنه مات عن ثمان وسبعين سنة.
١٦٢٩ ـ عبد الله بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن علىّ القسطلانى المكى:
سمع من الرضى الطبرى، وما عرفت متى مات، إلا أنه عاش بعد أبيه، وقد سبقت وفاته.