وكان ذلك دأبه من الصغر، وفيه مكارم. وله علىّ فضل كثير. تغمده الله برحمته وجزاه عنى خيرا.
ومن جميل أخباره، أنه بلغنى عنه ما معناه، أن والده كتب إليه؛ إذ كان قاضيا بالمدينة يقول له: إنى سألت الشيخ طلحة ـ يعنى الهتار (١) ـ أحد كبار صلحاء اليمن أن يدعو لك، فقال لى الشيخ طلحة: إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى حالته، وقال له: يا سيدى يا رسول الله، خاطرك مع أحمد بن أبى الفضل، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: هو فى كنفى، وأرجو يا ولدى أن تكون فى كنفه، صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة، وسبب كتابة أبيه إليه بذلك، يبشره بهذه الحكاية.
[٦١٨ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد القيسى، يلقب بالشرف، ويعرف بابن القسطلانى، يكنى أبا الفتح]
ولد فى جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وستمائة بمكة بدار العجلة.
سمع باعتناء أبيه الشيخ قطب الدين القسطلانى على ابن أبى الفضل المرسى جزء ابن نجيد، والأربعين الفراوية، والمائة للفراوى، وبعض صحيح ابن حبان، وسمع فى الرابعة على أبى عبد الله محمد بن معين المنبجى سداسيات الرازى، وعلى فاطمة بنت نعمة الحزام الجمعة للنسائى، وعلى غيرهم كثيرا.
وحدث، سمع منه النجم بن عبد الحميد بقراءته، ومات قبله، والحافظ قطب الدين الحلبى بالقاهرة، وبأخميم، قال: وكان خيرا ساكنا. قال: وبلغنى أن أبا نمى أمير مكة أرسله فى رساله إلى مصر، فجاء من مكة إلى مصر فى اثنى عشر يوما، ووهم الحافظ قطب الدين فى تكنيته له بأبى الهدى؛ لأن أبا الهدى هو أخوه حسن. على ما ذكر غير واحد منهم جدى أبو عبد الله الفاسى، وذكر ذلك القطب فى ترجمة المذكور، ولشيخينا بالإجازة: ابن السلال وابن عوض البيطار منه إجازة تفردا بها.
توفى ليلة الثلاثاء سادس صفر سنة أربع عشرة وسبعمائة باللؤلؤة على الخليج ظاهر القاهرة ودفن بالقرافة.
نقلت مولده ووفاته من المعجم البرزالى، وهو من شيوخه بالإجازة. وكان له ولد اسمه محمد، ويكنى أبا عبد الله. سمع من التوزرى والصفى والرضى، وكتب بخطه طباقا
(١) الهتار: أبو محمد طلحة بن عيسى بن إقبال، ولىّ عارف بالله تعالى، وصاحب كرامات، توفى سنة ٧٨٠.