طلب بنفسه، فسمع بدمشق من أبى العباس الحجار، مسموعه من الكتب والأجزاء، خلا مسند الدارمى، وغير ذلك، وعلى النجم العسقلانى: الموطأ، رواية أبى مصعب. وعلى أيوب الكحال بعض النسائى، وعلى جماعة كثيرين، وتلا بالروايات بمكة، على مقرئها العفيف الدلاصى وسمع منه، وعلى الشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم القصرى، وتفقه، وشارك فى العلوم.
ومن شيوخه الذين أخذ عنهم العلم بثغر الإسكندرية: الشيخ تاج الدين الفاكهانى، شارح «الرسالة» لابن أبى زيد، والعمدة، والأربعين للنواوى، وغير ذلك، والقاضى وجيه الدين يحيى بن محمد المعروف بابن الجلال، وأذن له فى الإفتاء والتدريس.
وصحب بالإسكندرية جماعة من أهل الخير: منهم: الشيخ خليفة، وياقوت تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، فعادت بركتهم عليه، وطاب ذكره، ولازم التدريس والإفادة والفتوى والانزواء إلى أهل الخير، مع الزهد والإيثار والعبادة والجلالة عند الناس.
وحدث. روى لنا عنه ابنه مفتى الحرم، تقى الدين عبد الرحمن الفاسى.
وسمع منه جماعة من الأعيان، وأثنى عليه ابن فرحون فى «نصيحة المشاور» لأنه قال: وكان ممن رفع الله مكانته وشهر بين الناس منزلته، محل الولد الشيخ الجليل الفقيه العلامة، السيد الشريف أبو الخير، ابن سيدنا وشيخنا أبى عبد الله الفاسى الحسنى، نزيل مكة المشرفة. نشأ فى عبادة الله، وتبتل إلى الاشتغال بالمذهب المالكى، حتى رآه الله أهلا للتدريس والإلقاء والإفادة. فدرس واشتغل، وصحب رجالا من مشايخ الوقت، وارتحل إلى الاسكندرية، وأدرك بها من أهل العلم والصلاح، والأئمة، جماعة كثيرين، فصحبهم وأخذ عنهم، وكسب من أخلاقهم وصفاتهم، ما أظهر عليه نورا وبهاء ورئاسة لم تكن لأحد من نظرائه.
وذكر أنه توفى يوم الجمعة، أول جمعة فى شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة بالمدينة. ودفن بالبقيع، حيال قبر إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر لى وفاته، كما ذكر ابن فرحون ابنه شيخنا الشريف عبد الرحمن، وأفادنى أنها فى شهر رمضان من السنة المذكورة.
[٤٣٨ ـ محمد بن محمد بن محمد بن على بن إبراهيم بن حريث العبدرى السبتى، خطيب سبتة وإمامها]
ذكره العفيف المطرى فيما نقل عنه الحافظ علم الدين البرزالى فى تاريخه، قال: