زار الحجيج عصابة قد خالفوا ... دين الإله ففرّ عبد الواحد
ترك الحلائل والإمارة هاربا ... ومضى يخبّط كالبعير الشادر
ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة، فضرب على أهلها البعث، وزادهم فى العطاء عشرة، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فخرجوا، فلما كانوا بالحرة، تلقتهم جزر منحورة، فمضوا.
وقال فى أخبار سنة ثلاثين ومائة:
[ذكر وقعة أبى حمزة الخارجى بقديد]
وفى هذه السنة، لسبع بقين من صفر، كانت الوقعة التى كانت بقديد، بين أهل المدينة وأبى حمزة الخارجى، قد ذكرنا أن عبد الواحد بن سليمان، ضرب البعث على أهل المدينة، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله فخرجوا، فلما كانوا بالحرة، لقيتهم جزر منحورة فتقدموا، فلما كانوا بالعقيق تعلق لواؤهم بسمرة، فانكسر الرمح، فتشاءم الناس بالخروج، وأتاهم رسل أبى حمزة يقولون: إننا والله ما لنا بقتالكم حاجة، دعونا نمض إلى عدونا، فأبى أهل المدينة ولم يجيبوه إلى ذلك، وساروا حتى نزلوا قديدا، وكانوا مترفين ليسوا بأصحاب حرب، فلم يشعروا إلا وقد خرج عليهم اصحاب أبى حمزة من الغياض فقتلوهم، وكانت المقتلة بقريش، وفيهم كانت الشوكة، فأصيب منهم عدد كثير، وقدم المنهزمون المدينة، فكانت المرأة تقيم النوائح على حميمها ومعها النساء، فما تبرح النساء حتى تأتيهن الأخبار عن رجالهن، فيخرجن امرأة امرأة، كل واحدة منهن تذهب لقتل زوجها، فلا تبقى عندها امرأة، لكثرة من قتل. وقيل إن خزاعة دلت أبا حمزة على أصحاب قديد. قيل: كانت عدة القتلى سبعمائة.
وقال فى أخبار سنة ثلاثين: سار إلى المدينة ودخلها فى ثالث عشر صفر، ومضى عبد الواحد منها إلى الشام، وكان مروان قد انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس، واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى ـ سعد هوازن ـ وأمره أن يجد السير، وأمره أن يقاتل الخوارج، فإن هو ظفر بهم، يسير حتى يبلغ اليمن، ويقاتل عبد الله بن يحيى طالب الحق، فسار ابن عطية، فالتقى أبا حمزة بوادى القرى، فقال أبو حمزة لأصحابه: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم، فصاحوا بهم: ما تقولون فى القرآن والعمل به؟ فقال ابن عطية: نصعه فى جوف الجوالق، قالوا: فما تقولون فى مال اليتيم؟ قال ابن عطية: نأكل ماله ونفجر بأمه، فى أشياء سألوه عنها.
فلما سمعوا كلامه، قاتلوه حتى أمسوا، فصاحوا: ويحك يا ابن عطية! إن الله قد