مات المؤلف رحمة الله عليه فى ليلة الأربعاء ثالث شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بمكة المشرفة. وصلى عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة بقبر سيدى الشيخ على بن أبى الكرم السولى رحمه الله عليهما، ولله در القائل حين قال:
ما زلت تلهج بالأموات تكتبها ... حتى رأيتك فى الأموات مكتوبا
ولقد ـ والله العظيم ـ أحيى مكة وأهلها مؤلفاته الحسنة.
[٣٩ ـ محمد بن أحمد بن عمر الجعفرى المريمينى، الخطيب شرف الدين أبو بكر الحلبى]
هكذا أملى علينا نسبه لما قدم علينا مكة. وروى لنا عن الأديب أبى عبد الله محمد ابن أحمد بن على بن جابر الهوارى الأندلسى قصيدته البديعية التى أولها:
بطيبة انزل ويمم سيد الأمم
سمعتها عليه مرة. وسمعت منه بيتين ذكر: أنهما للعلامة صدر الدين أبى الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفى، وأنشدنيهما من لفظه عنه، سماعا على ما ذكروهما:
ليس الطريق سوى طريق محمد ... فهى الصراط المستقيم لمن سلك
من يمش فى طرقاته فقد اهتدى ... سبل الرشاد ومن يزغ عنها هلك
وأنشدنيهما العلامة صدر الدين الياسوفى إجازة مكاتبة بخطه.
وكان قدومه علينا مكة فى موسم سنة أربع وتسعين. وجاور بها حتى سافر مع الحجاج فى موسم سنة ست وتسعين إلى حلب.
ثم قدم إلى مكة فى موسم سنة تسع وتسعين، واستمر بها حتى مات، غير أنه خرج إلى الطائف زائرا، وكان فى مدة إقامته بمكة يقرأ الحديث على المشايخ.
توفى صاحب هذه الترجمة بمكة، بعد أن جاور بها سنين كثيرة فى عصر يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة إحدى وثمانمائة. ودفن فى صبيحة يوم الجمعة بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو جاوزها.
وكان يعانى الوعظ بمكة، ولديه فضيلة. وله إلمام بقراءة الصحيحين، وعلى ذهنه فوائد تتعلق بهما.