وحدث أيضا بحلب ونابلس والقدس ومكة، وحج إليها مرتين، آخرهما فى سنة تسع وخمسين. وكانت وقفة الجمعة. وجاور بها حتى توفى فى يوم الاثنين الحادى والعشرين من جمادى الأولى، من سنة ستين وستمائة. وصلى عليه بالحرم، ما بين مقام الحنفية، ومقام إبراهيم. ودفن من يومه بالمعلاة بمقبرة المؤذنين الكازرونيين، بنى عبد السلام بن عبد السلام بن أبى المعالى السابق ذكره. ثم نقله عنها ولده الشيخ أبو اليمن عبد الصمد بن عساكر؛ لأنه رآه فى المنام، وأمره بذلك لتضرره بمحاورتهم.
وقد أخبرنى بهذه الحكاية غير واحد، منهم: شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، وشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وكان ولده تولى غسله، والصلاة عليه ودفنه. فقال فى ذلك [من الكامل]:
أضجعته فى لحده وأضالعى ... من فوقه دون الصفائح تنحنى
ونفضت كفى من غبار ترابه ... وأقول لو أنى مكانك سرنى
يا من به قد كان فرط مسرتى ... أحزنتنى أضعاف ما أفرحتنى
ومولده فى ليلة عيد الفطر، سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، نقلت ذلك من خط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته.
وذكر أنه سمع منه، لما قدم حاجا، قال: وكان شيخا حسنا مشهورا بالخير والصلاح، ومن بيت العلم والحديث.
كتبت هذه الترجمة من وفياته، ومن ترجمته لولده الشيخ أبى اليمن، ومن خط القطب القسطلانى.
[١٩١٣ ـ عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد بن على اليافعى، يلقب بالتاج بن العفيف، المكى الشافعى]
سمع من أبيه، وحدث عنه بصحيح البخارى، وسمع من غيره بمكة. وسمع بدمشق من أبى حفص عمر بن أميلة: بعض الترمذى.
وبلغنى أنه سمع عليه بعض مشيخة الفخر بن البخارى، وتفقه على غير واحد، منهم: الشيخ جمال الدين الأميوطى، وشيخنا برهان الدين الأبناسى، فى «الحاوى الصغير»، وأذن له فى التدريس والفتوى، فى سنة إحدى وثمانمائة، فدرس بالمسجد الحرام مدة، وأفتى قليلا، باللسان غالبا، وكان ذا فضيلة فى الفقه، وعبادة وديانة، وآداب حسنة، وشهرة جميلة.