هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالشيخ الصالح العابد الزاهد العالم الكامل العارف بالله. وفيه توفى بمنى فى أيام التشريق سنة سبع وعشرين وسبعمائة.
[٧٩٦ ـ آقباش الناصرى العباسى]
أمير الحرمين والحاج. ذكر صاحب المرآة أن الإمام الناصر لدين الله، أبا العباس أحمد الخليفة العباسى، اشتراه وهو ابن خمس عشرة سنة بخمس آلاف دينار، لأنه كان بديع الجمال، لم يكن بالعراق أجمل منه، فقربه وأدناه، ولم يكن يفارقه. فلما ترعرع ولاه الحرمين وإمرة الحج، فحج بالناس سنة سبع عشرة وستمائة، فقتل بعد انقضاء أيام منى، فى سادس ذى عشر الحجة، ودفن بالمعلاة، وكان سبب قتله كما ذكر صاحب المرآة: أنه وصل معه تقليد وخلعة لحسن بن قتادة بالإمرة بمكة، عوض أبيه قتادة، فاجتمع راجح بن قتادة بآقباش، وسأله الولاية، وجاء معه، فظن حسن أنه وافقه عليه، فأغلق أبواب مكة.
وكان آقباش نزل مكة بعد الحج بالشبيكة، فركب ليسكن الفتنة، ويصلح بين الأخوين، فخرج إليه أصحاب حسن بن قتادة وأحاطوا به، فقال: ما قصدى قتال، فلم يلتفوا إليه وقاتلوه، فانهزم أصحابه عنه وعرقبوا فرسه فسقط، فقتلوه وحملوا رأسه إلى حسن، ونصب بالمسعى على دار العباس، ثم دفن مع بقية جسده.
وذكر ابن الأثير: أن راجح بن قتادة بذل لآقباش وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك، ووصلوا إلى مكة، فنزلوا بالزاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها حسن. وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب. وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله، فتقدم أمير الحاج، يعنى آقباش، من عسكره منفردا، وصعد جبلا إدلالا بنفسه، وأنه لا يقدم عليه أحد، فأحاط به أصحاب حسن وقتلوه، وعلقوا رأسه، ثم قال: وعظم الأمر على الخليفة، يعنى الناصر العباسى، أستاذ آقباش، فوصلته رسل حسن تعتذر، وتطلب العفو عنه، فأجيب ذلك.
وذكر صاحب المرآة: أن الإمام الناصر العباسى، لما بلغه خبر آقباش حزن عليه حزنا، عظيما ولم يخرج فى الموكب للقاء الحاج على العادة. وكان عاقلا متواضعا محبوبا إلى القلوب. انتهى.