وفيه مكتوب بتاريخ شعبان سنة خمس وستمائة.
والمسجد الذى يصلى فيه الإمام بالناس فى يوم عرفة ليس من عرفة ـ بالفاء ـ على مقتضى ما ذكر ابن الصلاح والنووى، وكلام المحب الطبرى يقتضى أنه منها. وقيل: إن مقدمه من عرنة ـ بالنون ـ ومؤخره [من عرفة]ـ بالفاء ـ ويظهره ثمرة هذا الخلاف فى إجزاء الوقوف بهذا المسجد.
وتوقف مالك فى ذلك ولأصحابه قولان فيه بالإجزاء وعدمه.
وأفضل المواقف بعرفة الموضع الذى وقف فيه النبى صلى الله عليه وسلم، وهو بقريب فى الموضع الذى تقف فيه المحامل التى تصل من مصر إلى الشام والعراق، وهو مكان معروف عند الناس.
وسميت عرفة: عرفة؛ لتعارف آدم وحواء فيه؛ لأن آدم أهبط إلى الهند، وحواء إلى جدة، فتعارفا بالموقف.
وقيل: لتعريف جبريل المناسك بها للخليل.
وقيل: لاعتراف الناس فيها بذنوبهم.
إلى غير ذلك من الأقوال التى ذكرناها فى أصله الأكبر.
الثالث عشر: عرنة ـ بالنون ـ الموضع الذى يجتنب الحاج فيه الوقوف هو بين العلمين اللذين هما حد عرفة، والعلمين اللذين هما حد الحرم من هذه الجهة.
وقد اختلف فيه فقيل: إنها من الحرم. وهذا يروى عن حبيب المالكى. وقيل: إنها من عرفة. حكاه ابن المنذر عن مالك. وفى صحته عنه نظر لمخالفته ما فى كتب المالكية. والله أعلم.
ومذهب الشافعى: أنها ليست من عرفة. وعرنة ـ بضم العين وفتح الراء المهملتين ـ هذا المشهور فيها.
الرابع عشر: قزح، الموضع الذى يستحب للحاج أن يقف عنده للدعاء غداة النحر هو مكان مشهور بالمزدلفة، وهو الموضع الذى يسمونه المشعر الحرام.
أشار إلى ذلك المحب الطبرى.
وذكر ابن الصلاح: أن قزح، جبل صغير فى آخر المزدلفة، ثم قال: وقد استبدل الناس بالوقوف على الموضع الذى ذكرناه بناء محدثا فى وسط المزدلفة، ولا تؤدى فيه هذه السنة.