فى لسانه، ضحوك السن، محبا للغريب، حسن الإيراد. وكان معيدا للمدرسة النظامية مدة، كتبنا عنه بدمشق، لما قدم مع ابن الجوزى رسولا من الديوان العزيزى الظاهرى قدسه الله. وكان يتحبب لابن الجوزى، وقيل إنه كان عينا عليه، حدث ببغداد ـ ولم أسمع عليه بها ـ وبدمشق وبمصر. انتهى.
وقال ابن الساعى: سافر فى طلب العلم وسماع الحديث، ولقى عدة مشايخ، ثم قال: وكان جميل الوجه، مليح الشيبة، لطيف الأخلاق، حسن العشرة كثير التواضع. وله نظم، وأنشد له شعرا يأتى ذكره.
وذكره ابن مسدى فى معجمه، فقال: أحد الفقهاء الشافعية أصلا وفرعا، المناضلين به وعنه إيجابا ومنعا.
وقد ولى مشيخة الحرم الشريف، فطلع بدرا فى ذلك الأفق المنيف، جبر وصدع، وحبّر ونفع، وغلبت عليه الأبوة والنفس الأبية، فأكرم القصاد، وأنهل الوراد، وجاد وزاد، وأبدأ وأعاد، وتصرف تصرف المستخدمين جاها ومالا، نسأل الله له المسامحة مآلا. وكان فى نفسه قد حوى علوما، وتأدب منثورا ومنظوما. ثم قال: وكان من الرجال المكثرين، ولم يكن فى معرفة هذا الفن بذاك المكين. ولم أر فيما وقفت عليه من رواياته، ووقع إلىّ من سماعاته، شيئا أنكره عليه، إلا أنه أسمع أشياء، زعم أن الحافظ أبا القاسم على بن الحسن المعروف بابن عساكر الشافعى أجازه. وفى الخاطر منها شئ. وأظنه وهم فى ذلك، وإنما المجيز له ولده القاسم. والله أعلم.
ومن شعره على ما ذكر ابن الساعى [من البسيط]:
أمسى ينبه وجد الصب ذى الفكر ... طيف ألم به فى غفوة السهر
فبات مكتئبا حيران تطرقه ... الأشجان عن سعر منها إلى سعر
واها لها إن جرى ذكر العقيق به ... وهنا فأضحى بعيد العين والأثر
مروع الشوق لا يأوى إلى وطن ... ولا يصيح من البلوى لمزدجر
فى كل يوم له خل يفارقه ... ومنزل بدل من منزل دثر
تبا لدار إذا ما أضحكت بشرا ... فى مسى ليلتها أبكته فى السحر
لذاتها رؤية الأحلام تحسبها ... حقا أخو ظلة لم يصح من سكر
فأين كسرى وسابور المقدم أم ... أين المملك فى الدنيا أخو الخضر
أين الخورنق يتلوه السدير فكم ... من مأرب فيهما قضى ومن وطر