للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولايم صاحب مكة، وتولى عمارة الدور التى أنشأها فى الموضع المعروف بدار عيسى بالسويقة بمكة، ثم توجه من مكة فى أثناء سنة اثنتى عشرة وثمانمائة إلى مصر، فسعى فى أذى صاحب مكة، فأجيب لقصده.

وخرج من مصر، وهو واثق بذلك، فخاب أمله؛ لأن صاحب مصر الملك الناصر فرج، استعطف على صاحب مكة، فرضى عنه وأقره على ولايته، ومنع من محاربته، وعلم ذلك جابر، فاستوطن ينبع ولايم ولاتها، وبنى لهم بها قلعة وسورا، وهو فى غضون ذلك يرغب كثيرا فى العود إلى مكة، على أن يضمن له بعض القواد عن صاحب مكة، أن لا يصيبه منه سوء، فلم يوافق على ذلك صاحب مكة.

ثم رغب فى سنة خمس عشرة وثمانمائة فى إخراج جابر من ينبع، لما بلغه عنه من تحسينه لصاحب اليمن، التجويد على جدة إلى ينبع لتكدر خاطر صاحب اليمن على صاحب مكة، فى أمر فعله صاحب مكة، لم يسهل بصاحب اليمن.

فتوجه جابر إلى مصر، وأخذ يؤذى صاحب مكة، فلم يقبل منه، وصودر وبعث به معتقلا إلى صاحب مكة، فوصلها مع الحجاج، فى موسم خمس عشرة وثمانمائة، ودخلها والزنجير فى حلقه، ورآه صاحب مكة، وهو على هذه الصفة، فحياه بالسلام، وأقام بمنزل أمير الحاج برباط الشرابى، ثم خلص فى ليلة الثامن من ذى الحجة من السنة المذكورة؛ لأنه خرج يطوف تلك الليلة، ومعه بعض المماليك، فتسحب منه، ولجأ إلى بعض القواد فأجاره، وأخبر به صاحب مكة، وجمعه عليه بعد أن توثق منه، فعفا عنه صاحب مكة، وأقبل عليه كثيرا من أموره بجدة وغيرها، فنهض بذلك.

ثم تغير عليه صاحب مكة، لما نسب إليه من تقويته للسيد رميثة بن محمد بن عجلان، على دوام عصيانه لعمه، فإن رميثة هجم على مكة فى رابع عشرى جمادى الآخرة، من سنة عشرة وثمانمائة، وهجم على جدة فى رمضان من السنة المذكورة، ونهب جدة والهدة، وسعى بعد ذلك جابر وغيره فى الإصلاح بينهما، فشرط رميثة ما لم تطب به نفس عمه، وصمم على ذلك، فاتهم فى ذلك جابر ومن معه، ووقع مع ذلك من جابر مخالفة لمخدومه فى بعض أوامره، فقبض عليه بمنى فى النفر الأول، ثم قرر على أمواله، وأشعر بقتله، فصلى ركعتين، وخرج من أجياد مع الموكلين بقتله إلى باب المعلاة، فشنق به، ولم يظهر منه جزع فى حالة شنقة ولا فى ذهابه إلى الشنق، ولا كلم الموكلين به كلمة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>