وقد ولى الأمير جماز أمر المدينة، بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة، فى سنة سبع وخمسين وستمائة.
وكان فى حياته مؤازرا له ومساعدا، ثم انتزعها منه ابن أخيه مالك بن منيف بن شيحة فى سنة ست وستين وستمائة، فاستنجد عليه عمه بأمير مكة وغيره من العربان، فلم يقدروا على نزعها.
فلما رحلوا عنها عجزا، سلمها له ابن أخيه مالك بن منيف، فاستقل بها جماز بن شيحة من غير منازع، حتى سلمها هو لابنه الأمير منصور بن جماز فى سنة سبعمائة، لأنه كان أضر وشاخ وضعف، ثم مات فى سنة أربع وسبعمائة. انتهى.
ولنذكر من ولى إمرة المدينة بعد جماز بن شيحة هذا، إلى عصرنا هذا، لما فى ذلك من الفائدة، فنقول: لم يزل منصور بن جماز بن شيحة أميرا على المدينة، حتى قبض عليه فى موسم سنة ست عشرة وسبعمائة بالمدينة، وجهز إلى مصر، ثم وصل منها إلى المدينة ومعه عسكر. وقد عاد إلى الإمرة فى ربيع الأول سنة سبع عشرة. فاستولى على المدينة بعد أن صد عنها، ثم انتزعت منه، ثم عادت إليه بعد قتال فى جمادى الأولى من سنة سبع عشرة، واستمر حتى قتل فى رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وقتله قريب له غرة عن سبعين سنة، ثم وليها بعده ولده كبيش، حتى انتزعها منه عمه ودى بن جماز، فى صفر سنة سبع وعشرين، مع ابنه عسكر وجماعة. وتوجه ودى إلى مصر، طمعا فى الإمرة، فاعتقل بها.
وولى الإمرة بها طفيل بن منصور، بعد قتل أخيه كبيش بن منصور، فى يوم الجمعة سلخ رجب فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وكان وصول طفيل فى الحادى والعشرين من شوال، من سنة سبع وعشرين إلى المدينة، واستمر حاكما بها ثمان سنين وثلاثة عشر يوما، ثم وليها ودى بن جماز، وجاء الخبر بولايته فى شوال سنة ست وثلاثين، واستمر إلى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فملك طفيل المدينة عنوة.
واستمر ودى معزولا، حتى مات فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة. واستمر طفيل على الإمرة، حتى عزل فى سنة خمسين. فخرج منها بعد أن نهبها أصحابه ثم قصد مصر، فاعتقل بها حتى مات معتقلا، فى شوال سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. وكان الذى وليها بعد عزله، الأمير سعد بن ثابت بن جماز.
وكان دخوله المدينة يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة خمسين وسبعمائة. وقرئ تقليده يوم الجمعة خامس عشرى الحجة.