إلى مكة. وسافروا إلى الشرق قبل وصول الخبر بدنوّ الترك من مكة بيوم. وذلك فى أول العشر الأخير من شعبان.
وفى ثالث عشرى شعبان، وصل الأمير بيسق ومعه خمسون فرسا ومائة مملوك وغيرهم من الفقهاء وغيرهم لقصد العمرة والحج. وكان شميلة بن محمد بن حازم، أحد أعيان الأشراف، لاقى الأمير بالطريق. فخلع عليه وأعطاه دراهم، وحمل دقيق وحلوى، وأمره أن يأتيه بأصحابه، ليصلح بينهم وبين السيد حسن، فأجابه إلى ذلك، وبعد مفارقته له، قصد الأمير حلة الأشراف، وكانوا قريبا منه بأم الدّمن، فما وجد لهم أثرا، لفرارهم قبل وصول إلى حلّتهم.
وكان السيد حسن، قد لقى الأمير بقاع بن غزى، ووصل إلى مكة بعد وصوله، وخلع عليه وعلى محمد بن محمود، وعلى بن كبيش، ومكن حسن أهل مكة من لبس السلاح. وكان الأمير قد منعهم من ذلك. ونقص سعر الذهب عما قرره الأمير فى قيمته، لشكوى الناس إليه ذلك. وكان منع من الدعاء لصاحب اليمن بعد المغرب على زمزم، فنهاه السيد حسن عن ذلك، ومكن من الدعاء لصاحب اليمن على العادة.
وفى شهر رمضان من هذه السنة، غزا حسن عربا يقال لهم البقوم، فغنم منهم مائتى ناقة وبقرا وغنما. وعاد بذلك، وكان البقر والغنم قد وكل بحفظه إلى بعض غلمان ممن ليس فيه كبير قوة، فاستنقذ ذلك منهم المنهوبون، وقتلوا من غلمانه جار الله بن أبى سليمان، وتركيّا، وفاتتهم الإبل.
وفى أول شوال منها، توجه إلى وادى الطائف؛ لأن الحمدة أهل الجبل حشموه فى جيرته أهل الطائف، وهو مكان مخصوص من وادى الطائف، فاسترضاه الحمدة بثمانين ألف درهم، وخلى عن جرمهم، ونال مثل ذلك من بنى موسى أهل ليّة (٢)، وهو مكان مشهور بقرب وادى الطائف، واستدعى آل بنى النمر للحضور إليه فتوقفوا. فبذل له الحمدة أربعين ألفا على أن يسير معهم إلى آل بنى النمر، فسار معهم، وهدم حصن آل بنى النمر، وحصل فيه نهب كثير، وقتل بعضهم، وقتل من جماعته مملو كان، وعاد إلى مكة فى سادس شوال، ومعه أزيد من عشرين فرسا، فأهدى منها للأمير أربعا، ثم راح إلى الوادى.
وفى ليلة ثانى عشر شوال، استدعى إليه من فى خدمة الأمير من الترك، ومن بمكة
(٢) لية: موضع من نواحى الطائف. انظر معجم البلدان (لية).