وفى سنة أربع وثمانمائة فى صفر، توجّه إلى حلى؛ لأن كنانة استدعوه إليها عقيب فتنة، كانت بينهم وبين دريب بن أحمد بن عيسى صاحب حلى وجماعته.
وفيه قتل دريب فى يوم عرفة من سنة ثلاث وثمانمائة. وكان الأشراف آل أبى نمىّ فى خدمته، ومن انضم إليه من زبيد. وكان فى خدمته حين توجه إلى حلى القوّاد العمرة والحميضات. وما مرّ فى طريقه بأحد فيه قوة إلا وأمره بالمسير فى خدمته بالظّعن.
وكان قد سار إليها بذلك. ولما دنا من حلى، خضع له موسى بن أحمد بن عيسى أخو دريب. وكان قد قام مقام أخيه؛ لأنه كان شريكه فى حال حياته فى ولاية حلى، ولكن السمعة لدريب. فلاطف موسى حسنا، وأجاب إلى ما طلب حسن من الدروع والخيل والإبل وغير ذلك، وشرط على حسن أن لا ينزل الموضع المعروف بحلى، وأن يقصر دونه، فما تم له قصد؛ لأن حسنا نزل المكان المذكور، وأقام به أياما.
وشق ذلك على بعض من كان فى خدمتة من القواد العمرة والحميضات، لالتزامهم لموسى عن حسن أنه لا يدخل حلى.
وبلغنى أنه لما انتهى إلى حلى، عبّأ من معه فى عدة صفوف، وأن موسى أقبل إليه راجلا يشقّ الصفوف، وهى تفرج له، حتى انتهى إلى حسن وهو راكب. وعاد حسن بعد ذلك بأيام إلى مكة، فانتهى إلى موضع بالقرب منها يقال له الأطوى، فى شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، ثم دخل مكة بعد أيام من وصوله إلى الأطوى، وخلع عليه الأمير بيسق يوم دخوله إلى مكة، واحتفل بلقائه؛ لأنه لما توجه لحلى استنابه فى الحكم بمكة، ثم نقم عليه حسن بعض أوامره بمكة؛ لأن بيسقا منع من الدعاء لصاحب اليمن على زمزم بعد المغرب. فأمر السيد حسن بالدعاء له. فأرسل مرسومين من صاحب مصر، فى أحدهما أن لا يمنع الدعاء بمكة لسلطان اليمن. وفى الآخر، أن ليس لأحد من الأمراء الواصلين من مصر، فى أوساط السنة على صاحب مكة السيد حسن يد ولا حكم، بل يعضدونه ويقوّون كلمته ويعلون شأنه، وإن لم يسمع الأمير، وخالف وطلبكم القتال قاتلوه.
وقرئ هذان المرسومان خلف المقام بحضرة قاضى مكة عز الدين النويرى، وجماعة من أهل الحرم، فى سلخ جمادى الأولى أو مستهل جمادى الثانية. ولم يكن الأمير بيسق ـ إذ ذاك ـ بمكة؛ لأنه توجه من مكة بقصد مصر وقت العصر، من اليوم التاسع والعشرين من جمادى الأولى.