للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليلزموا أصحابهم بالخروج من مكة، فأتوا أصحابهم فعرفوهم الخبر. فصمم أكثرهم على عدم الخروج، فلم يسع الراغبون فى ذلك إلا الموافقة.

ولما تحقق ذلك للسيد حسن، رحل فى بكرة يوم الاثنين رابع عشرى شوال من الزاهر، وخيم بقرب العسيلة على الأبطح، وأتى بعض أصحابه إلى رءوس القواد المعروفين بالحميضات، وكانوا مع رميثة، فثبطهم عن القتال وخوفهم غائلته، فلم يصغوا لذلك.

فلما كان بكرة يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال، ركب السيد حسن فى عسكره وكانوا فيما قيل ثلاثمائة فارس، وأزيد من نحو ألف راجل، وكان الذين بمكة على نحو الثلث من ذلك. ولما انتهى إلى المعابدة، بعث إلى الذين بمكة، يحذرهم عاقبة القتال، لرغبته فى الإبقاء على أكثرهم، فلم يقبلوا نصحه، ومثله ومثلهم فى ذلك كما قيل [من الطويل]:

بذلت لهم نصحى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

وسار بمن معه حتى دنوا من باب المعلاة، فأزالوا من كان على باب المعلاة وقربه من أصحاب رميثة بالرمى بالنشاب والأحجار، وعمد بعضهم إلى باب المعلاة، فدهنه وأوقد تحته النار، فاحترق حتى سقط إلى الأرض، وقصد بعضهم طرف السور الذى يلى الجبل الشامى مما يلى المقبرة، فدخل منه جماعة من الترك وغيرهم، ورقوا موضعا مرتفعا من الجبل المشار إليه، ورموا منه بالنشّاب والأحجار من كان داخل الدرب من أصحاب رميثة. فتعبوا لذلك كثيرا، ونقب بعضهم مما يلى الجبل الذى هم فيه من السور نقبا متسعا، حتى اتصل بالأرض، فدخل منه جماعة من الفرسان من عسكر حسن، ولقيهم جماعة من أصحاب رميثة، وقاتلوهم حتى أخرجوهم من السور، وحصل فى الفريقين جراحات، وهى فى أصحاب رميثة أكثر، وقصد بعض أصحاب حسن، وهم عسكر صاحب ينبع، السور مما يلى بركة الصارم، فنقبوه نقبا متسعا، ولم يتمكنوا من الدخول منه، لأجل البركة، فإنها مهواة. فنقبوا موضعا آخر فوقه، ثم إن بعض الأعيان من أصحاب السيد حسن، أجار من القتال لرغبة بعض القواد فى ذلك على ما قيل. وكان السيد حسن كارها للقتال، ولو أراد الدخول إلى مكة بكل عسكره من الموضع الذى دخل منه بعض عسكره لقدر على ذلك، وأمضى الجيرة بترك القتال، وبإثر ذلك وصل إليه جماعة من القضاة والفقهاء والصالحين بمكة، ومعهم ربعات شريفة، وسألوه فى

<<  <  ج: ص:  >  >>