فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله:«ما جاء فى أول من استصبح حول الكعبة، وفى المسجد الحرام بمكة وليلة هلال المحرم» بعد ذكره للمصباح الذى وضعه عقبة بن الأزرق ابن عمرو الغسّانى، على داره الملاصقة للمسجد: فلم يزل يضع ذلك ـ يعنى عقبة ـ على حرف الدار، حتى كان خالد بن عبد الله القسرى، فوضع مصباح زمزم مقابل الركن الأسود، فى خلافة عبد الملك بن مروان، فمنعنا أن نضع ذلك المصباح.
والموضع الآخر، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله:«أول من أدار الصفوف حول الكعبة» لأنه قال فيها: فلما ولى خالد بن عبد الله القسرىّ مكة لعبد الملك بن مروان، فذكر قصة يأتى ذكرها.
وقد اختلف فى تاريخ ولاية خالد على مكة، فى خلافة الوليد بن عبد الملك، فحكى ابن الأثير فى ذلك ثلاثة أقوال.
أولها: ان ذلك سنة تسع وثمانين. وثانيها: سنة إحدى وتسعين. وثالثها: سنة ثلاث وتسعين.
ورأيت فى مختصر تاريخ ابن جرير الطبرى، ما يشهد للقول الثانى والثالث فى تاريخ ولاية خالد.
وقد ذكر الأزرقى أشياء من خبر خالد بن عبد الله القسرى بمكة، يناسب ذكرها عنه هنا.
ونص ما ذكره: حدثنى جدى عن سفيان بن عيينة، قال: أول من أدار الصفوف حول الكعبة، خالد بن عبد الله القسرى، حدثنى جدى، قال: حدثنى عبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقى، عن أبيه قال: كان الناس يقومون قيام شهر رمضان، فى أعلا المسجد الحرام، تركز حربة خلف المقام بربوة، فيصلى الإمام خلف الحربة والناس وراءه، فمن أراد صلى مع الإمام، ومن أراد طاف بالبيت وركع خلف المقام، فلما ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة لعبد الملك بن مروان، وحضر شهر رمضان، أمر خالد القرّاء، أن يتقدموا فيصلوا خلف المقام، وأدار الصفوف حول الكعبة. وذلك أن الناس ضاق عليهم أعلا المسجد، فأدارهم حول الكعبة فقيل له: تقطع الطواف لغير المكتوبة! قال: فأنا آمرهم ليطوفوا بين كل ترويحتين بطواف سبع، فأمرهم ففصلوا كل ترويحتين بطواف سبع. فقيل له: فإنه يكون فى مؤخر الكعبة وجوانبها، من لا يعلم بانقضاء طواف الطائف، من مصلّ وغيره، فيتهيأ للصلاة، فأمر عبيدا للكعبة أن يكبروا حول الكعبة يقولون: الحمد لله والله أكبر، فإذا بلغوا الركن الأسود فى الطواف