وفى أوائل صفر سنة ثلاث وثلاثين، وصل الحاج، وأخبروا بطيب حجهم، وأن الملك الكامل نفذ بعض زعمائه فى ألف فارس إلى مكة، فأخرجوا عنها راجح بن قتادة واستولى عليها.
وذكر النويرى فى كتابه نهاية الأرب، بعض ما ذكره ابن البزورىّ من خبر راجح بن قتادة، وأفاد فى ذلك ما لم يفده البزورىّ؛ لأنه ذكر أن فى صفر سنة ثلاثين وستمائة، تسلم راجح بن قتادة مكة، وكان قصدها فى سنة تسع وعشرين، وصحبته عسكر صاحب اليمن الملك المنصور، وكان الأمير فخر الدين ابن الشيخ بمكة، ففارقها.
وذكر أن فى سنة اثنتين وثلاثين، توجه الأمير أسد الدين جفريل إلى مكة، وصحبته سبعمائة فارس، فتسلمها فى شهر رمضان، وهرب منها راجح بن قتادة، ومن كان بها من عسكر اليمن. انتهى.
فاستفدنا من هذا، تعيين مقدار عسكر الكامل الذى أنفذه إلى مكة، فى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وتعيين أميره، وتعيين استيلائهم على مكة، ووقت خروج راجح منها، وكل ذلك لا يفهم مما ذكره ابن البزورىّ. واستفدنا مما ذكره فى أخبار سنة ثلاثين، أن استيلاء راجح بن قتادة على مكة فيها، كان فى صفر من هذه السنة، وهو يخالف ما ذكره ابن البزورى فى تاريخ استيلاء راجح على مكة فى هذه السنة، وأن الأمير فخر الدين ابن الشيخ، كان بمكة في هذه السنة.
وذكر ابن محفوظ هذه الأخبار، وأفاد فيها ما لم يفده غيره؛ لأنه قال: سنة تسع وعشرين وستمائة، جهز الملك المنصور فى أولها جيشا إلى مكة وراجح معه، فأخذها، وكان فيها أمير الملك الكامل، يسمى شجاع الدين الدغدكينى، فخرج هاربا إلى نخلة، وتوجه منها إلى ينبع، وكان الملك الكامل وجه إليه بجيش، ثم جاء إلى مكة فى رمضان، فأخذها من نواب الملك المنصور، وقتل من أهل مكة ناسا كثيرا على الدرب، وكانت الكسرة على من بمكة.
وقال أيضا فى سنة ثلاثين وستمائة: ثم جاء الشريف راجح بعسكر من اليمن، فأخرج من كان بمكة من المصريين بالإرجاف بلا قتال، وفى آخرها حج أمير من مصر، يقال له الزاهد، فى سبعمائة فرس، فتسلم مكة وحج بالناس، وترك فى مكة أميرا يقال له ابن المحلى، فى خمسين فارسا، أقام بمكة سنة إحدى وثلاثين.
وذكر بعض العصريين فى بعض تواليفه، شيئا من خبر ولاية الأمير راجح بن قتادة لمكة، فى زمن الملك المنصور صاحب اليمن، وما جرى لراجح وعسكر المنصور، مع