وثلاثين، ولا أدرى هل كان راجح معهم أم لا، ثم خرج العسكر المنصورى فى سنة سبع وثلاثين من مكة، لما وصل إليها الشريف شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة، فى ألف فارس من مصر، فجهز المنصور راجحا وابن النّصيرى فى عسكر جرّار.
فلما سمع به شيحة وأصحابه هربوا من مكة، ثم أخذها العسكر المصرى فى سنة ثمان وثلاثين.
فلما كانت سنة تسع وثلاثين، جهز المنصور جيشا كثيفا إلى مكة مع راجح، فبلغه أن صاحب مصر الصالح أيوب بن الكامل، أنجد العسكر المصرى الذى بمكة بمائة وخمسين فارسا. فأقام راجح بالسّرّين، وعرف المنصور الخبر، فتوجه المنصور فى جيش كثيف، فدخل مكة فى رمضان فى سنة تسع وثلاثين، بعد هرب المصريين، واستناب بمكة مملوكه فخر الدين الشلّاح، ولا أدرى هل استناب معه راجحا أم لا، والظاهر أنه لم يستنبه، ثم عاد راجح لإمرة مكة؛ لأن ابن محفوظ ذكر أنه تسلم مكة فى آخر يوم ذى الحجة سنة إحدى وخمسين وستمائة، لما انتزعها من جمّاز بن حسن بن قتادة بلا قتال.
وذكر أن راجحا أقام بمكة متوليا، حتى أخرجه منها ولده غانم بن راجح، فى ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين.
وذكر شيخنا ابن خلدون: أن راجحا عاد إلى مكة فى سنة خمس وثلاثين مع الملك المنصور، وخطب له بعد المستنصر الخليفة العباسى، واستمر إلى سنة سبع وأربعين، فتوجه إلى اليمن هاربا لما استولى عليها ابن أخيه أبو سعد بن علىّ بن قتادة، وسكن السّرّين، يعنى الموضع المعروف اليوم بالواديين، ثم قصد مكة فى سنة ثلاث وخمسين، وانتزعها من جمّاز بن حسن. انتهى.
قلت: هذا فيه نظر من وجوه: منها: أن راجحا لم يستمر على مكة من سنة خمس وثلاثين، إلى سنة سبع وأربعين؛ لأنه وليها فى هذه المدة جماعة، كما تقدم بيانه.
ومنها: أن راجحا لم ينتزع مكة من جماز فى سنة ثلاث وخمسين، وإنما انتزعها قبل ذلك، كما تقدم بيانه فى هذه الترجمة، وترجمة جماز.
وكانت وفاة راجح فى سنة أربع وخمسين وستمائة، على ما ذكر الميورقىّ فيما وجدت بخطه، ولم أستفد ذلك إلا منه. وبلغنى أنه كان مفرطا فى الطول، بحيث تصل يده وهو قائم إلى ركبته.