قال: فكتب الكاتب، فلما أراد أن يختمه، مر ابن جريج، فقال: ندعوه فنسأله، فأرسل إليه فسأله عن المسألة، فقال: ليس له شئ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«العجماء جرحها جبار»(١).
فقال لكاتبه: شق الكتاب، وقال للأعرابى: انصرف، فقال: سبحان الله، تجتمع أنت وكاتبك على شئ، ثم يأتى هذا الرجل فيردّكما.
قال: لا تغترّن بى ولا بكاتبى، فو الله ما بين جبليها أجهل منى ولا منه، هذا الفقيه يقول: ليس لك شئ. انتهى.
وذكر عيسى بن عمر التيمى قال: كان زياد بن عبيد الله بن عبد الحجر بن عبد المدان، خال أبى العباس أمير المؤمنين، واليا لأبى العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته، وكان لزياد صحفة يختص بها، فيها مضيرة من لحم جدى.
فأتى بها فأمر الغلام أن يضعها بين يدى أشعب، وهو لا يعلم أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، فاستبطأ زياد بن عبيد الله المضيرة، فقال: يا غلام، الصحفة التى كنت تأتينى بها؟ .
قال: أتيتك بها أصلحك الله، فأمرتنى أن أضعها بين يدى أبى العلاء، فقال: هنأ الله أبا العلاء، وبارك له.
فلما رفعت المائدة قال: يا أبا العلاء ـ وذلك فى استقبال شهر رمضان ـ قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل الحبس، لما هم فيه من الضر، ثم لانهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم، فتلهيهم بالنهار، وتصلى بهم بالليل، قال: وكان أشعب حافظا، فقال: أو غير ذلك أصلح الله الأمير، قال: وما هو؟ قال: أعطى الله عهدا أن لا آكل مضيرة جدى أبدا.
(١) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى الديات، حديث رقم (٦٤٠١). وأخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب الحدود، حديث رقم (٣٢٢٦، ٣٢٢٧). والترمذى فى سننه، كتاب الزكاة، حديث رقم (٥٨١)، وفى الأحكام، حديث رقم (١٢٩٨). والنسائى فى الصغرى، كتاب الزكاة، حديث رقم (٢٤٤٩). وأبو داود فى سننه، كتاب الديات (٣٩٧٧). وابن ماجة فى سننه، كتاب الديات (٢٦٦٣، ٢٦٦٤، ٢٦٦٥). وأحمد فى المسند، حديث رقم (٦٩٥٦، ٧١٤٥، ٧٤٩٤، ٧٩٠٤، ٩٠٠٢، ٩٥٠٢، ١٠١١١، ٢١٧١٤).