وفى كلام ابن الأثير: أن النبى صلى الله عليه وسلم، رآه بمكة ينادى عليه، وليس فيما ذكراه مقدار ثمنه.
وقد اختلف فى مقدار ما اشترته به خديجة ـ رضى الله عنها ـ ففى كلام أبى نعيم السابق، ما يفهم أنه سبعمائة درهم.
وذكر ابن عبد البر عن الزبير بن بكار: أنه أربعمائة درهم، واختلف فى الموضع الذى اشترى فيه زيد. ففى كلام أبى نعيم ما يقتضى أنه بالبطحاء، والمراد بذلك بطحاء مكة وهى الأبطح، مكان مشهور بأعلى مكة. وقيل أنه سوق حباشة، وقيل سوق عكاظ. وهذان القولان ذكرهما ابن عبد البر، ونقلهما عن الزبير بن بكار. وقيل اشتراه بحباشة، عن مصعب وغيره، والله أعلم.
واختلف فى اسم جده، فقيل شراحيل، وهذا هو المشهور، وقال شرحبيل، قاله أبو إسحاق، ولم يتابع عليه. والله أعلم.
وذكر ابن عبد البر خبرا غريبا فى نجاة زيد بن حارثة من هلكة وقعت له؛ لأنه قال: حدثنى أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، قال: حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال: حدثنى أبو بكر بن أبى خثيمة قال: حدثنا ابن معين قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المصرى، قال: حدثنا الليث بن سعد قال: بلغنى أن زيد بن حارثة، اكترى من رجل بغلا من الطائف، اشترط عليه الكرى أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل، فنزل، فإذا فى الخربة قتلى كثيرة، قال: فلما أراد أن يقتله قال له: دعنى أصلى ركعتين، قال: صلّ، فقد صلاهما قبلك هؤلاء، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فلما صليت، أتانى ليقتلنى، قال: فقلت: يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتا: لا ثقتله، قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب، فلم ير شيئا، فرجع، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعلت ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس فى يده حربة من حديد، فى رأسها شعلة من نار، فطعنه بها، فأنفذها من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال: لما دعوت المرة الأولى: يا ارحم الراحمين، كنت فى السماء السابعة، فلما دعوت فى المرة الثانية: يا أرحم الراحمين، كنت فى السماء الدنيا، فلما دعوت فى المرة الثالثة: يا أرحم الراحمين، أتيتك. انتهى.
وذكر مغلطاى فى سيرته، ما يقتضى أن هذه القصة، اتفقت لأسامة بن زيد؛ لأنه قال بعد أن ذكر صلاة خبيب بن عدى ركعتين، لما أرادوا قتله بمكة: وصلى خبيب قبل قتله ركعتين، فكان أول من سنهما، وقيل بل أسامة بن زيد؛ حين أراد الكرى الغدر به.