للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالعمى، وموتها فى بئرها بأرضها، فاتفق لها ذلك. ولذلك قصة، وهى أن أروى شكت سعيد بن زيد فى أرضه بالشجرة، إلى مروان بن الحكم أمير المدينة، فأوجب على سعيد يمينا، فترك سعيد لها ما ادّعته، وقال: اللهم إن كانت أروى كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها فى قعر بئرها، ثم جاء سيل، فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا عن حق سعيد، ورأى ذلك مروان فى جماعة من الناس؛ لأن سعيدا سأله أن يركب معه لينظر إلى ذلك، ثم إن أروى خرجت فى بعض حاجتها بعد ما عميت، فوقعت فى البئر فماتت. هذا معنى ما ذكره الزبير، فى خبر أروى مع سعيد. وذكر ذلك الليث بن سعد. وفى خبره غير ما ذكره الزبير؛ لأن فيه: إن أروى زعمت أن سعيدا بنى الضّفيرة فى حقّها ظلما، وذكرت ذلك لعبد اللهبن عمر بن الخطاب وغيره، وتوعدت زيدا بالصياح عليه فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن لم ينزع، فكلمه ابن عمر وأخبره بقولها، فقال سعيد ـ رضى الله عنه: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يأخذ شبرا من الأرض يطوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين» (١). فلتأخذ ما لها من حق، اللهم إن كانت كاذبة علىّ فلا تمتها حتى تعمى بصرها، وتجعل ميتتها فيها. فجاءت فهدمت الضفيرة، وبنت بنيانا، فلم تمكث إلا قليلا، حتى عميت، وكانت تقوم بالليل ومعها جارية لها تقودها، لتوقظ العمال، فقامت ليلة وتركت الجارية لم توقظها، فخرجت تمشى حتى سقطت فى البئر، فأصبحت ميتة. وهذا الخبر فى الاستيعاب أطول من هذا. وما ذكرناه منه مختصرا بالمعنى، وفى الاستيعاب أيضا، الخبر الذى ذكرناه بالمعنى عن الزبير، أطول مما ذكرناه.

وقد نقل المزى فى التهذيب، عن الزبير بن بكار، خبر أروى مع سعيد، وفيه مخالفة اللفظ وزيادة ونقص، عما ذكره ابن عبد البر عن الزبير. فمن الزيادة: أن أروى سألت سعيدا أن يدعو لها، وقالت: إنى قد ظلمتك، فقال: لا أرد على الله تعالى شيئا أعطانيه. وحديث مخاصمة أروى لسعيد، ودعائه عليها، وإجابة دعائه عليها، فى الصحيحين.

وقد اختلف فى تاريخ موته، فقيل سنة إحدى وخمسين. قاله يحيى بن بكير، وابن نمير، وخليفة بن خياط، وغير واحد. وقيل مات سنة اثنتين وخمسين، قاله عبد الله بن سعد الزهرى. وقيل سنة خمسين، أو إحدى وخمسين على الشك. ذكره الواقدى. وهذه الأقوال الثلاثة، ذكرها المزى بمعنى ما ذكرناها. وعلى الثالث اقتصر ابن عبد البر. ورأيت فى كتاب ابن الأثير قولا، إنه مات سنة ثمان وخمسين، ولم يعزه، وأخشى أن يكون تصحيفا، فإن النسخة سقيمة، حكاه بعد حكاية للقول بوفاته على الشك.


(١) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (١٦١١) من طريق: زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة».

<<  <  ج: ص:  >  >>