وقال: الغنى الشاكر، يكون كأبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ شكر فقدم ماله، وآثر الله تعالى عليه، فأورثه الله غنى الدارين وملكها. والفقير الصابر، مثل أويس القرنّى، ونظرائه، صبروا فيه، حتى ظهرت لهم براهينه.
وقال: الاعتكاف حفظ الجوارح تحت الأوامر.
وسئل عن قول النبى صلى الله عليه وسلم: «أكثر أهل الجنة البله» فقال: الأبله فى دنياه، الفقيه فى دينه.
وقال: لا يعرف الشيء من لا يعرف ضده. كذلك لا يصلح لمخلص إخلاصه، إلا بعد معرفته الرياء، ومفارقته له. وقال: من تحقق فى العبودية، ظهر سره لمشاهدة الغيوب، وأجابته القدرة إلى كل ما يريد.
وذكر بين يديه قول الشافعى: العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان. فقال: رحم الله الشافعى! ما أحسن ما قال: علم الأديان علم الحقائق والمعارف، وعلم الأبدان علم السياسات والرياضات والمجاهدات.
وقال: من آثر صحبة الأغنياء على مجالسة الفقراء، ابتلاه الله تعالى بموت القلب.
وقال: العاصى خير من المدعى؛ لأن العاصى ـ أبدا ـ يطلب طريق توبته، والمدعى يتخبط فى حبال دعواه.
وقال: الساكت بعلم، أحمد أثرا من الناطق بجهل.
وقال: لا تصحب إلا أمينا أو معينا، فإن الأمين يحملك على الصدق، والمعين يعينك على الطاعة.
وقيل له: ما عقدة الورع؟ قال: الشريعة تأمره وتنهاه، فيتبع ولا يخالف.
وقال: من حمل نفسه على الرجاء تعطل، ومن حمل نفسه على الخوف قنط، ولكن ساعة وساعة، ومرّة ومرّة.
وقال: باديات المقامات أرفاق وغنى، وكفاية. ولكن إذا تمكن أتته البلايا، وكذلك قال بعض المريدين: ما زالوا يرفقون حتى وقعت، فلما وقعت، قالوا لى: استمسك. كيف أستمسك إن لم يمسكنى؟ .
ومات أبو عثمان بنيسابور سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.