وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن سليمان بن أبى شيخ، عن يحيى بن سعيد الأموى: قدم محمد بن عقيل بن أبى طالب، على أبيه وهو بمكة، فقال: ما أقدمك يا بنى؟ قال: قدمت لأن قريشا تفاخرنى، فأردت أن أعلم أشراف الناس، قال: أنا وابن أمى، ثم حسبك لسعيد بن العاص.
وقال مسهر بن سعيد بن عبد العزيز، قال معاوية: لكل قوم كريم، وكريمنا سعيد بن العاص. وقال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: سأل أعرابى سعيد بن العاص فقال: يا غلام، أعطه خمسمائة، فقال الأعرابى: خمسمائة ماذا؟ قال: خمسمائة دينار. قال: فأعطاه، فجعل الأعرابى يقلب الدنانير بيده ويبكى، فقال سعيد: ما يبكيك يا أعرابى؟ فقال: أبكى والله أن تكون الأرض تبلى مثلك.
وقال سليمان بن أبى شيخ، عن أبى سفيان الحميرى، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصارى: قدم أعرابى المدينة، يطلب فى أربع ديات حملها، فقيل له: عليك بحسن بن على، عليك بعبد الله بن جعفر، عليك بسعيد بن العاص، عليك بعبد الله بن العباس، فدخل المسجد، فرأى رجلا يخرج ومعه جماعة، فقال: من هذا؟ فقيل: سعيد بن العاص، قال: هذا أحد أصحابى الذين ذكروا لى، فمشى معه، فأخبره بالذى قدم له، ومن ذكر له، وأنه أحدهم، وهو ساكت لا يجيبه، فلما بلغ منزله، قال لخازنه: قل لهذا الأعرابى، فليأت بمن يحمل له. فقيل له: ائت بمن يحمل لك. قال: عافى الله سعيدا، إنما سألناه ورقا، لم نسأله تمرا، قال: ويحك! ائت بمن يحمل لك، فأخرج له أربعين ألفا، فاحتملها الأعرابى، فمضى إلى البادية ولم يلق غيره.
وقال حفص بن عمر النيسابورى، عن الأصمعى، عن أبيه، قال: كان سعيد بن العاص، يدعو إخوانه وجيرانه فى كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمر بالجوائز الواسعة، ويبعث إلى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يوجه مولى له فى كل ليلة جمعة، فى مسجد الكوفة.
وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن أبيه، عن سفيان بن عيينة: كان سعيد بن العاص، إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شئ، قال: اكتب علىّ لمسألتك سجلا، إلى يوم تسألنى.
وذكر الزبير، أن عمرو بن سعيد، لما قضى دين أبيه سعيد بن العاص، أتاه فتى من قريش، فذكر حقّا له فى كراع أديم، بعشرين ألف درهم، على سعيد بن العاص، بخط مولى لسعيد، كان يقوم لسعيد على بعض نفقاته، وبشهادة سعيد على نفسه، بخط سعيد، فعرف خط المولى وخط أبيه، وأنكر أن يكون للفتى وهو صعلوك من قريش، هذا المال، فأرسل إلى مولى أبيه، فدفع إليه الصكّ، فلما قرأه المولى بكى، ثم قال: نعم،