للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا إليه: «سهل أمركم». قال الزبير: فأسلم سهيل فى الفتح. وكان بعد إسلامه كثير الصلاة والصوم والصدقة. انتهى بالمعنى.

وقال النووى: قال سعيد بن مسلم: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا يوم الفتح، أكثر صلاة وصوما وصدقة واشتغالا بما ينفعه فى آخرته، من سهيل بن عمرو، حتى شحب لونه وتغير، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، كان يختلف إلى معاذ بن جبل، يقرئه القرآن ويبكى، حتى خرج معاذ من مكة، فقيل له: تختلف إلى هذا الخزرجى؟ لو كان اختلافك إلى رجل من قومك؟ قال: هذا الذى صنع بنا ما صنع، حتى سبقنا كل السّبق، لعمرى أختلف، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله بالإسلام قوما كانوا فى الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وإنى لأذكر ما قسم الله لى، فى تقدم أهل بيتى من الرجال والنساء، فأسر به، وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله تعالى نفعنى بدعائهم، أن لا أكون مت على ما مات عليه نظرائى، فقد شهدت مواطن، أنا فيها معاند للحق.

وذكر ابن الزبير: أنه لما مات النبى صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب، ماج أهل مكة وكادوا يرتدون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة، كأنه يسمعها، فسكن الناس وقبلوا منه، وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد. انتهى.

وذكر ابن عبد البر: أن سهيلا قال فى خطبته: والله إنى لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس فى طلوعها إلى غروبها، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم ـ يعنى أبا سفيان ـ فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم، ولكنه قد جثم على صدره حسد بنى هاشم.

وأتى فى خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة.

وذكر النووى أنه قال فى خطبته: يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم، وأول من ارتد، والله ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر. فى خطبة طويلة.

ومقام سهيل هذا، هو الذى أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله لعمر ـ رضى الله عنه ـ حين سأله أن ينزع ثنيّة سهيل، لا يقوم خطيبا على النبى صلى الله عليه وسلم: «إنه يقوم مقاما تحمده».

قال ابن عبد البر: روى ابن المبارك، قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: حضر الناس باب عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وفيهم سهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، وأولئك الشيوخ من قريش، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر: لصهيب وبلال، وأهل بدر، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال سهيل بن

<<  <  ج: ص:  >  >>