وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: قال عبد الملك بن مروان: يا ابن قيس، أما اتقيت الله حين تقول فى ابن جعفر: أنت رجل قد يعلم الله أنه تجود له كف قليل غرارها، ألا قلت: يعلم الناس، ولم تقل: قد يعلم الله، فقال له ابن قيس: قد والله علمه الله، وعلمته وعلمه الناس.
وقال الزبير: حدثنى فليح بن إسماعيل بن إسماعيل قال: طلب عبد الله بن جعفر لابن أزاد مرد حاجة إلى على بن أبى طالب، فقضاها. فقال: هذه أربعون ألف درهم، فإن لك مؤونة، قال: إنا أهل بيت لا نأخذ على المعروف ثمنا. انتهى.
وقال ابن عبد البر: وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا. روى أن عبد الله بن جعفر، كان إذا قدم على معاوية أنزله داره، وأظهر له من بره وإكرامه ما يستحقه، فكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، زوجة معاوية، فسمعت ليلة غناء عند عبد الله بن جعفر، فأتت إلى معاوية فقالت له: هلم فاسمع ما فى منزل هذا الرجل، الذى جعلته بين لحمك ودمك، فجاء معاوية فسمع وانصرف، فلما كان فى آخر الليل، سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر، فجاء فأنبه فاختة فقال: اسمعى مكان ما أسمعتنى. انتهى.
وكان حاضر الجواب، لأن صاحب العقد قال: قال عبد الله بن صفوان ـ وكان أميّا ـ لعبد الله بن جعفر بن أبى طالب: يا أبا جعفر، لقد صرت حجة لفتياننا علينا، إذا نهيناهم عن الملاهى قالوا: هذا ابن جعفر سيد بنى هاشم يحضرها ويتخذها، قال له: وأنت أبا صفوان، صرت حجة لصبياننا علينا، إذا لمناهم فى ترك المكتب قالوا: هذا أبو صفوان سيد بنى جمح، لا يقرأ آية ولا يحفظها. انتهى.
واختلف فى وفاة عبد الله بن جعفر، فقيل: سنة ثمانين من الهجرة، وبه جزم الزبير ابن بكار، ورجحه ابن عبد البر، قال: وهو ابن تسعين سنة. وذكر النووى؛ أنه الصحيح، وذكر المزى: أنه الأصح. وقيل سنة تسعين، حكاه النووى عن جماعة ولم يسمهم، والمزى أيضا.
وقيل سنة أربع أو خمس وثمانين، حكاه ابن عبد البر قال: وهو ابن ثمانين سنة. وما ذكره ابن عبد البر فى مبلغ سنه على القول الأول، بأنه توفى سنة تسعين، لأن النووى ذكر أن لعبد الله بن جعفر عشر سنين حين توفى النبى صلى الله عليه وسلم، واتفقوا على أنه توفى بالمدينة، وأن أبان بن عثمان والى المدينة صلى عليه.
وذكر النووى: أنه حضر غسله وكفنه وحمله أبان مع الناس بين العمودين، ولم يفارقه حتى وضع بالبقيع، ودموع أبان تسيل على خده، ويقول: كنت والله خيرا لا