للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمهات أولاد؟ وما ولد منكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من على بن الحسين، وهو لأم ولد، وهو خير من جدك حسن بن حسن، وما كان فيكم بعده مثل ابنه محمد بن علىّ، وهو خير منك، ولدته أم ولد.

وأما قولك: إنا بنو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقول: (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) [الأحزاب: ٤٠] ولكنكم بنو ابنته، وهى امرأة ولا تحوز ميراثا، ولا ترث الولاء، ولا يحل لها أن تؤم، فكيف تورث بها إمامة. ولقد ظلمها أبوك بكل وجه، فأخرجها نهارا، ومرضها سرا، ودفنها ليلا. فأبى الناس إلا تقديم الشيخين وتفضيلهما. ولقد كانت السنة التى لا اختلاف فيها: أن الجد أب الأم والخال والخالة، لا يرثون ولا يورثون.

وأما ما فخرت به من علىّ وسابقته، فقد حضرت النبى صلى الله عليه وسلم الوفاة، فأمر غيره بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلا بعد رجل، فما أخذوه. وكان فى الستة من أصحاب الشورى، فتركوه كلهم: رفضه عبد الرحمن بن عوف، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعته وأغلق بابه دونه، وبايع معاوية بعده، ثم طلبها علىّ بكل وجه. فقاتل عليها، ثم حكم الحكمين، ورضى بهما، وأعطاهما عهد الله وميثاقه، فاجتمعا على خلعه. واختلفا فى معاوية، وسالمه الحسن، وباع الخلافة بخرق ودراهم، وأسلم شيعته بيد معاوية، ودفع الأموال إلى غير أهلها، وأخذ مالا من غير ولاته. فإن كان لكم فيها حق، فقد بعتموه وأخذتم ثمنه، ثم خرج عمك الحسين بن علىّ على ابن مرجانة. وكان الناس معه عليه، حتى قتلوه وأتوه برأسه، ثم خرجتم على بنى أمية، فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران، ونفوكم من البلدان، حتى قتل يحيى بن زيد بأرض خراسان، وقتلوا رجالكم، وأسروا الصبية والنساء، وحملوهم كالسبى المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم، فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأردنا إشراككم فى ملكنا فأبيتم إلا الخروج علينا، وأنزلت ما رأيت من ذكرنا أباك، وتفضيلنا إياه، أنا نقدمه على العباس وحمزة وجعفر، وليس كما ظننت، ولكن هؤلاء سالمون، مسلم منهم، مجتمع بالفضل عليهم، وابتلى أبوك بالحرب، فكانت بنو أمية تلعنه على المنابر، كما تلعن أهل الكفر فى الصلاة المكتوبة، فاحتججنا له، وذكرنا فضله، وعنفناهم، وطلبناهم فيما نالوا منه.

وقد علمت أن المكرمة فى الجاهلية سقاية الحاج الأعظم، وولاية بئر زمزم، فصارت للعباس من بين إخوته. وقد نازعه فيها أبوك، فقضى بها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نزل نليها فى الجاهلية والإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>