وصح لى عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ المعروف بابن النقيب (٥) مؤلف «مختصر الكفاية لابن الرفعة» أنه قال معناه: رجلان من أهل عصرنا، أحدهما يؤثر الخمول جهده، وهو الشيخ عبد الله بن خليل المكى ـ يعنى المذكور ـ وآخر يؤثر الظهور جهده، وهو الشيخ عبد الله اليافعى.
وسمعت شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى يقول: إن الشيخ عبد الله ابن خليل هذا، أعطاه دريهمات لما رآه بمنزله بسطح جامع الحاكم بالقاهرة، قال: فاشتريت منها وريقات، وكتبت فى بعضها قصصا بأمور أردتها، فيسر الله قضاءها، وعددت ذلك من بركة الشيخ. وذكر أنه كان يميل إلى سماع الغناء الذى يسميه أهل الحجاز: المقرون، وهو نوع من النصب الذى كان بعض السلف يتغنى به.
وبلغنى أنه كان يأتيه شيء من غلة ماله، بوادى مر، من أعراض مكة.
وتوفى يوم الأحد ثانى جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة، بمنزله بسطح الحاكمى بالقاهرة، ودفن بالقرافة بالقرب من الشيخ تاج الدين بن عطاء الله، وشهد جنازته القضاة الأربعة بالقاهرة، وغيرهم من الأعراض، ومشى فى جنازته معظم الطريق، جماعة منهم، وبعضهم إلى التربة.
ومولده فى سنة أربع وتسعين وستمائة بمكة، كتبه عنه الذهبى.
وذكر لى شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة: أن المحدث شرف الدين محمد ابن محمد المقدسى، نزيل مصر، أخبره أن الشيخ بهاء الدين هذا، أملى عليه أنه ولد سنة خمس وتسعين بمكة. قال: وكنت أمليت على الحافظ الذهبى، أن مولدى سنة أربع وتسعين، وهو خطأ. انتهى.
وذكر بعض أصحابنا، أن للشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى هذا، إجازة من أحمد بن هبة الله بن عساكر، ويعلق على ذلك بكونه وجد بخط الشيخ عبد الله بن خليل فى بعض تعاليقه: أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر، ولا يصح التعليق بذلك لإمكان أن يكون وجد ما كتبه بخط غيره، وكتبه كما وجده ليقرأه عليه، ويؤيد ذلك، أنه لو كان له إجازة من ابن عساكر لحدث بها، ولحفظ ذلك عنه كما حفظ عنه غيره
(٥) أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الرومى أبو العباس، شهاب الدين بن النقيب. فقيه شافعى مصرى مولده ووفاته بالقاهرة كان أبوه روميا من نصارى أنطاكية. ورباه أحد الأمراء وأعتقه وجعله نقيبا فتصوف وتصدر بالمدرسة البيبرسية بالقاهرة. انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة ١/ ٢٣٩، كشف الظنون ١٤٩٨، ذيل الكشف ٢/ ١٢١، الأعلام ١/ ٧٠).