للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدخل على أخيه، فقال: إن لى إليك حاجة. قال: كل حاجة تقولها فهى لك، إلا أن تكون ابن الضحاك، فقال: هو والله حاجتى. فقال: والله لا أقبلها، ولا أعفو عنه، فرده إلى المدينة، فتسلمه عبد الواحد، فضربه وأخذ ماله، حتى تركه فى جبة صوف يسأل الناس بالمدينة.

وكان قد باشر نيابة المدينة ثلاث سنين وأشهرا، وكان الزهرى، قد أشار عليه برأى سديد، وهو أنه يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمر، فلم يقبل ولم يفعل، فأبغضه الناس، وذمه الشعراء. وهذا كان آخر أمره. انتهى.

وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: حدثنى عمامة بن عمرو السهمى عن رجل من خزاعة، عن مولى لمحمد بن ذكوان ـ مولى مروان، فارسى ـ أنه لما جاء عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس عزله وعمل النصرى ـ وكان بالعرصة ـ أرسل إلى محمد ابن ذكوان، وكان على أمور بنى أمية بالمدينة، فجاءه، قال: فقال لى محمد بن ذكوان: امسك دابتى، وصعد إليه، فقال له: يا محمد، قد علمت رأيى فيك وقضاء حوائجك، وقد جاء من عمل هذا الغلام النصرى ما رأيت، ولا ينبغى لمثلى أن يقيم له فى شئ، وموضعى يتعب بى، فأشر علىّ. قال: أنا أذن القوم السامعة، وعينهم الناظرة، ولا يستقيم لهم أنى أشير عليك بشيء لعله يقع بخلافهم، قال: يا محمد بن ذكوان، أشر علىّ، فأبى، وأتعظ عليه. فقال عبد الرحمن بن الضحاك [من البسيط]:

رميت بالهم غيرى إذ رميت به ... ولم أقم غرضا للهم يرمينى (١)

شدوا على إبلكم، واستبطنوا الوادى، وأموا بها الطريق، فإنى مسلم على النبىصلى الله عليه وسلم ولاحقكم، ففعل، فرد من الطريق ووقف للناس. وكذلك كانت بنو أمية تفعل بالعامل إذا عزلته. وكان يمر به القرشيون فيعدلون إليه ويثنون عليه، ويجلسون تحته، حتى صاروا حلقة ضخمة، وسقط خف رجليه من الشمس حتى حمل حملا.

وقال الزبير أيضا: حدثنى عمامة بن عمرو، قال: كان عبد الرحمن بن الضحاك برّا بقريش، وكان يقول: أنعتونى رجلا من قريش، علقه دين أو له عيال. فإذا دلوه عليه، استعمله على بعض أعماله، ثم قال له: من عال بعدها فلا أجير. قال: وكان يزيد بن عبد الملك قد ولاه بناء داره بالمدينة التى تعرف بدار يزيد، فكان يرسل إلى قواعد


١٧٤٠ ـ (١) فى التحفة اللطيفة ٢/ ٤٧٥:
رميت بالهم غيرى إذ رميت به ... ولم أقم عرضا للهم يرمينى

<<  <  ج: ص:  >  >>