عليه القرآن تجويدا، وعلى غيره، وطلب العلم، وأخذ الفقه عن نجم الدين الأصفونى وغيره، والأصول عن الفخر المصرى، أحد علماء دمشق، وأذن له فى الإفتاء ـ على ما بلغنى ـ وأخذ العربية عن الشيخ سراج الدين الدمنهورى، والشيخ جمال الدين بن هشام، مؤلف «المغنى»، لما جاور بمكة، وحصل كثيرا.
وكان فاضلا فى فنون، محبّا لأهل العلم، وكتب بخطه المليح كتبا كثيرة علمية. وله مجاميع، ونظم حسن، ودرس، وأفتى، وناب فى الحكم عن خاله القاضى شهاب الدين الطبرى مدة سنين.
وكان مدار الناس فى الحكم عليه، وبابن التقى الحرازى، لما ولى قضاء مكة بعد شهاب الدين، وانتقد عليه أحكامه، ثم التأما، وحضر مع الحرازى مشاهده فى الموسم، من سنة اثنتين وستين وسبعمائة، على أن الحرازى يستنيبه بعد الموسم، المقدور عن ذلك، لعلة اعترته فى الموسم، مات بها فى بعض ليالى التشريق، من سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمنى، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها، سامحه الله تعالى ورحمه.
وبلغنى أنه من ذرية الإمام يحيى بن أبى الخير العمرانى صاحب البيان. ومن شعره [من الطويل]:
حمام الحما لم لا تنوح لنائح ... ظننتك تشجينى بنغمة صادح
حسبتك تبكينى وترثى لحالتى ... فأعلنت بالشكوى إلى غير ناصح
حرام على عينى مواصلة الكرى ... وها هى تذرى بالدموع السوانح
حرمت لذيذ الوصل إن كنت كاذبا ... وعذبت بالهجران بعد التصالح
حجبتم عن الطرف المسهد طيفكم ... وبحتم بسرى للوشاة الكواشح
حملت من الأشجان جهدى وطاقتى ... فأضرمت النيران بين الجوانح
حنيت على نار الغرام أضالعى ... فطوبى لثاو تحت طى الصفائح
حياتى وموتى فى الغرام على السوا ... وقد خاننى صبرى وقل مناصحى
حميتم جميل الصبر عنى وإننى ... هجرت صحابى بعدكم ونواصحى
حننت إلى قبر الرسول محمد ... وأعملت عيسى فى الحرور اللواقح
حنينا يوم السفح من روضة الهدى ... فأهدت عبيرا للرياح اللواقح
حططنا المطايا فى فسيح جواره ... ففزنا من الدنيا بصفقة رابح
حلال بها أهل السعادة خيموا ... بنار قراهم قد هدوا كل طامح