وصنف تصانيف كثيرة حسنة. وخطب بالجامع الجديد بمصر، وتولى الوكالة الخاصة والعامة، والنظر على أوقاف كثيرة، ثم تولى قضاء بالديار المصرية فى جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، فسار فيه سيرة حسنة.
وكان حسن المحاضرة، كثير الأدب، يقول الشعر الجيد، ويكتب الخط الحسن السريع، حافظا للقرآن، سليم الصدر، محبا لأهل العلم، يستقل عليهم الكثير، بخلاف والده، رحمهما الله تعالى. وكان شديد التصميم فى الأمور التى تصل إليه مما يتعلق بتصرفه.
وأما دفع الظلم عن الناس ـ من حواشى السلطان ـ فقليل الكلام فيه، ثم أضيف إليه أوقاف كثيرة.
وكان السلطان قد أغدق الولايات فى المماليك بمن يعينه، غير أنه كانت فيه عجلة فى الجواب عن أمور متعلقة بالمنصب، تؤدى إلى الضرر غالبا به وبغيره، ولم يكن فيه حذق يهتدى به، لما فيه نفع من يستحق النفع، بل أموره بحسب من يتوسط بخير أو شر، ثم انفصل عن المنصب سنة تسع وخمسين، وبقى كذلك نحو ثمانين يوما، ثم أعيد إليه، لزوال من توسط فى عزله. وكانت عاقبة المتوسطين فى عزله من أسوأ العواقب، ثم علم فى تلك الأيام مقدار الراحة، وألقى الله فى نفسه كراهة المنصب.
فاستعفى منه فى جمادى الأولى سنة ست وستين، حمل معه ختمة شريفة، وتوسل بها، فأعفى فى تلك الحالة. فلما ذهب إلى منزله على ذلك، ثقلوا عليه بأنواع التثقيلات، وتحيلوا بأنواع التحيلات، فلم يجبهم، فركب إليه صاحب الأمر إذ ذاك وسأله، فصمم واعتذر. انتهى.
وقال فى ترجمة نائبه القاضى تاج الدين محمد بن إسحاق المناوى، بعد أن ذكر ترجمة لأخيه القاضى شرف الدين إبراهيم: وناب فى الحكم عن ابن جماعة، ثم قال: وإستقل به بسؤال من مستنيبه، ثم تحدث جماعة فى إعادة الأمر كما كان، فأعيد بعد يوم». انتهى.
فعلى هذا يكون القاضى عز الدين بن جماعة، ولى قضاء الديار المصرية ثلاث مرات، وما عرفت هل ولايته بعد تاج الدين المناوى قبل عزله بابن عقيل أو بعده؟ ، وهو الأقرب. والله أعلم.