وقال يحيى بن معين، وأبو حاتم: صالح الحديث. وقال صاحب الكمال: قاضى مكة وقيل: كان على قضاء المدينة. انتهى. وهذان القولان صحيحان كما ذكر ابن حزم.
وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، فقال: وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب، كان قاضيا على المدينة فى أيام المنصور، وبعده فى أيام أمير المؤمنين المهدى، وولى القضاء بمكة، وكان محمود القضاء، حليما محبا للعافية.
وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله. قال: تقدم إليه محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فى خصومة؛ فقضى عليه عبد العزيز. وكان ابن لوط شديد الغضب، فقال له: لعنك الله ولعن من استعملك! فقال ابن المطلب: نسب، وربك الحميد، أمير المؤمنين! برز! برز! فأخذه الحرس يبرزونه ليضربه، فقال له محمد: أنت تضربنى؟ والله لئن جلدتى سوطا لأجلدنك سوطين، فأقبل عبد العزيز بن المطلب على جلسائه، فقال: اسمعوا، يحرضنى على نفسه حتى أجلده، فتقول قريش: جلاد قومه! ثم أقبل على محمد بن لوط، فقال: لا، والله لا أجلدك، ولا حبا لك ولا كرامة، أرسلوه. فقال محمد بن لوط: جزاك الله من ذى رحم خيرا. فقد أحسنت وعفوت، ولو صبرت كنت قد احترمت منك ذلك، وما كان لى عليك سبيل. ولا أزال أشكرها لك، وأيم الله ما سمعت: ولا حبا لك ولا كرامة، فى موضع قط، أحسن منها فى هذا الموضع، وانصرف محمد بن لوط راضيا شاكرا.
وقال الزبير: حدثنى عبد الملك بن عبد العزيز، قال: حضرت عبد العزيز بن المطلب، وبين يديه حسين بن زيد بن على يخاصم، فقضى على حسين، فقال له حسين: هذا والله قضاء يرد على أسته، فحك عبد العزيز بن المطلب لحيته، وكذلك كان يفعل إذا غضب، فقال لبعض جلسائه: وربك الله الحميد، لقد أغلظ لى، وما إرادتى إلا ما أراد أمير المؤمنين، أنا قاضيه، وقضائى قضاؤه، وقال: جرد. ودعا بالسوط، وكان قد قال للحرس: إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فإذا دعوت بالسوط فلا تعجلوا به، حتى يسكن غضبى، فجرد حسين، فما أنسا حسين غضبه وعليه ملحفة مروانية، وقال عبد العزيز لحسين: وربك الله المحمود، لأضربنك حتى أسيل دمك، ولأحبسنك حتى يكون أمير المؤمنين هو الذى يرسلك. فقال له حسين بن زيد: أو غير هذا أصلحك الله أحسن منه؟ قال: وما ذاك؟ قال: تصل رحمى، وتعفو عنى، فقال عبد العزيز بن المطلب: أو غير ذلك أحسن منه؟ أصل رحمك وأعفو عنك، يا جلواز! أردد عليه ثيابه، وخل سبيله، فخلاه.