وتطؤكم واعذر لكم ألا تخرجوا أميركم، إنكم إن ظفرتم وأنا مقيم بين أظهر كم فما أيسر شأنى وأقدركم على إخراجى! وما أقول هذا إلا نظرا لكم أريد به حقن دمائكم.
فشتموه وشتموا يزيد. وقالوا: لا نبدأ إلا بك، ثم نخرجهم بعدك، فأتى مروان عبد الله بن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن هؤلاء قد ركبونا كما ترى، فما ترى؟ نضمّ عيالنا؟ فقال: لست من أمركم وأمر هؤلاء فى شئ.
فقام عثمان وهو يقول: قبح الله هذا أمرا وهذا دينا، ثم أتى علىّ بن الحسين عليهما السلام، فسأله أن يضم ثقله وامرأته وابنيه إلى الطائف، ففعل. فعرض لهم حريث رقّاصة ـ وهو مولى لبنى بهز من سليم.
كان بعض عمال المدينة قطع رجله، فكان إذا مشى كأنه يرقص فسمى رقاصة ـ لثقل عثمان ونسائه، وفيهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فضربته بعصا كادت تدق عنقه. فولى ومضى ومضوا إلى الطائف، وأخرجوا بنى أمية. فحسّ بهم سليمان بن أبى الجهم العدوى، وحريث رقاصة. فأراد عثمان أن يصلى بمن معه فمنعوه، وقالوا: لا يصلى بالناس أبدا، ولكن إن أراد أن يصلى بمن معه من أهله فليصلّ بهم، ثم مضى.
فمرو مروان بعبد الرحمن بن أزهر الزهرى، فقال له: هلمّ إلىّ يا أبا عبد الملك، فلا يصل إليك مكروه، ما بقى رجل منا بنى زهرة. فقال له: وصلتك رحم، قومنا على أمر، فأكره أن أعرّضك لهم، وندم ابن عمر بعد ذلك على ما كان قاله لعثمان. وقال: لو وجدت سيلا إلى نصر هؤلاء لفعلت. فقد ظلموا وبغى عليهم. وقال له ابنه سالم: لو كلمت هؤلاء القوم! يا بنى، لا ينزع هؤلاء القوم عمّا هم عليه، وهم بعين الله، إن أراد أن يغيّر غيّر. قال: فمضوا إلى ذى خشب، وفيهم عثمان بن محمد بن أبى سفيان، والوليد بن عتبة بن أبى سفيان واتّبعهم العبيد والصبيان والسّفلة يرمونهم، ثم رجع حريث رقاصة وأصحابه إلى المدينة، وأقامت بنو أمية بذى خشب عشرة أيام، وسرّحوا حبيب بن كره إلى يزيد بن معاوية يعلمونه، وكتبوا معه إليه: الغوث الغوث. فبلغ أهل المدينة أنهم وجّهوا رجلا إلى يزيد، فخرج ابن عمرو بن حزم، ورجل من بنى سليم من بهز وحريث رقاصة، وخمسون راكبا، فأزعجوا بنى أمية. فنخس حريث بعثمان، فكاد يسقط عن ناقته. فتأخر عنها وزجرها، وقال: اعلى واسلمى. فلما كانوا بالسّويداء عرض لهم مولى لعثمان. فقال: جعلت فداك! لو نزلت فأرحت وتعدّيت؟ . فالغداء