يسحّبن أذيال المروط بأسؤق ... خدال إذا ولّين أعجازها روى
أوانس يسلبن الحليم فؤاده ... فيا طول ما شوق ويا حسن مجتلى
فلم أر كالتّجمير منظر ناظر ... ولا كليالى الحج أفلتن ذا هوى
قال: نعم. فقال سليمان بن عبد الملك: والله لا يشهد الحج العام مع الناس، أما والله لو اهتممت بحجك، لم تنظر إلى شيء غيرك! فإذا لم يفلت الناس منك فى هذه الأيام، فمتى يفلتون؟ ثم أمر بنفيه إلى الطائف، فقال: يا أمير المؤمنين، أو خير من ذلك؟ قال: ما هو؟ قال: أعاهد الله عزوجل، أن لا أعود لمثل هذا الشعر، ولا أذكر النساء فى شيء أبدا، وأجدّد توبة على يديك، قال: أو تفعل؟ قال: نعم: فعاهد الله على توبته وخلّاه. انتهى.
واتفق لعمر بن أبى ربيعة حكاية طريفة بمنى، فى زمن الحج، ألفيتها فى كتاب شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى، قال بعد أن أشار إليها مستظرفا لها: وهى ما حكاه القاسم ابن محمد رحمه الله تعالى، قال: كنت فى مجلس فيه عمر بن أبى ربيعة المخزومىّ رحمه الله تعالى، فقلنا له: يا أبا الخطاب، إن لك مع النساء أحاديث عجيبة، قد نقلها الرّواة، وسارت بها الركبان، فحدّثنا بأعجبها! فقال: نعم، إنى سأحدثكم حديثا ظريفا: إنى كنت ذات يوم بمنى، إذ دخل علىّ الحاجب، فأعلمنى مكان عجوز بالباب، تطلب الإذن، فقلت له: إيذن لها، فدخلت عجوز بها مسحة من الجمال، وعليها كسوة فاخرة، فسلّمت علىّ، وسألتنى عن نسبى، فأخبرتها أنّى عمر بن أبى ربيعة، فقالت: يا أبا الخطاب، هل لك أن أريك أحسن خلق! . قلت: فداك أبى وأمى، كيف لى بذلك! قالت: يا أبا الخطاب، أنت ناظر إليها على شريطة، قلت: وما هى؟ قالت: آخذ عليك العهد، على أنك تريها من نفسك العفاف، ولا تتعرّض لها بسوء، قلت: نعم، ذاك لك، قالت: وعلى أن أعصب عينيك، وألبسك لبس النساء، وأقودك إلى الموضع، قلت: نعم. وذلك أيضا لك. قال: فأخرجت مصحفها من ردفها، فاستحلفتنى به على ذلك، ثم أخرجت عصابة فعصبت بها عينىّ.
وألبستنى إزارا وخفّا، ثم قادتنى، حتى أدخلتنى على مضرب، فأخذنى من يدها وصائف، ثم حللن العصابة عن عينىّ، وإذا أنا فى مضرب من الديباج الأحمر، مفروش بالوشى المنسوج بالترهب، وإذا فيه جوار أبهى من البدور، فأجلسننى على سرير من الأبنوس المسجّف بالذهب، ووقفن على رأسى يروّحننى، فبينما أنا جالس على ذلك الحال، وإذا جارية قد طلعت من باب المضرب، أحسن من الشمس، فسلّمت علىّ، ثم