سنة ست وثمانين من الهجرة، إلى سنة ثلاث وتسعين، وحج بالناس فيها، وفى سنة اثنتين وتسعين، وسنة تسعين، وسنة تسع وثمانين، هكذا ذكر ذلك ابن كثير، ولعله أخذه من تاريخ ابن الأثير، عن تاريخ ابن جرير الطبرى.
ووجدت فى تاريخ ابن جرير، ما يدلّ لما ذكر ابن كثير، من أنه ولى ذلك، لأنه قال فى أخبار سنة تسعين: وفيها حجّ بالناس عمر بن عبد العزيز، وهو عامل بالمدينة ومكة والطائف.
وقال فى أخبار سنة إحدى وتسعين: وكانت عمّال الأمصار فى هذه السنة، العمال فى التى قبلها، إلا مكة، وقيل إن مكة كانت فيها إلى عمر بن عبد العزيز. وقال فى أخبار سنة ثلاث وتسعين: وفيها عزل عمر بن عبد العزيز عن المدينة فى قول، وكان عزله، أن عمر كتب إلى الوليد يخبره، بعسف الحجاج أهل عمله بالعراق واعتدائه عليهم، وطلبه لهم بغير حق ولا جناية، فبلغ ذلك الحجاج، فاصطنعه على عمر، وكتب إلى الوليد: إنّ من قبلى من أهلى العراق وأهل الشقاق، قد لجأوا إلى المدينة ومكة، وأن ذلك وهن.
فكتب الوليد إلى الحجاج: أشر لى برجلين، فكتب إليه يشير بعثمان بن خالد، وخالد ابن عبد الله القسرى، فولّى خالدا مكة، وعثمان المدينة، فخرج عمر من المدينة وأقام بالسويداء، وذكر أنه كان قدم المدينة واليا بعد عزل هشام بن إسماعيل المخزومى، فى شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين، وأنه حج بالناس فى هذه السنة، وفى سنة ثمان وثمانين.
وهذا يدل على أنه كان واليا على مكة فى هذا التاريخ، كما ذكر ابن كثير، لأن الحج إنما يقيمه أمير المدينة غالبا، إلا إذا كانت مكة مضافة إليها، وكانت مكة كثيرا ما تضاف إلى أمير المدينة، مع كونه مقيما بالمدينة، وإنما كان يقيم بالمدينة، لقربها من الشام، بلد الخليفة إذ ذاك.
وذكر ابن جرير، أنه لما حجّ بالناس فى سنة ثمان وثمانين، ذكر له بعض أهل مكة، قلّة الماء بها، وأنهم يخشون على الحجاج من العطش، فدعا عمر، فجاء المطر، وسال الوادى، حتى خاف أهل مكة، وأمطرت عرفة ومنى، وجمع، يعنى المزدلفة، فما كانت إلا أعين، وكانت مكة تلك السنة مخصبة. انتهى بالمعنى.
وكان عمر بن عبد العزيز كثير الفضائل والمناقب، ولذلك عهد إليه بالخلافة، ابن