لصفوان بن أمية، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمير ابنه حين أسلم، وكان له قدر وشرف، وكان بالشام، وقد انقرض بنو وهب بن خلف فلا عقب لهم.
وكان من أبطال قريش، وهو أحد الأربعة المعدود كل منهم بألف فارس، على ما قيل، الذين أمد بهم عمر بن الخطاب، عمرو بن العاص، رضى الله عنهم، فى فتح مصر، ولم يختلف فى أنه منهم، كما لم يختلف فى أن الزبير بن العوام، وخارجة بن حذافة السهمى منهم، واختلف فى بشر بن أرطاة، فبعضهم يعدّه فيهم، وبعضهم يجعل المقداد بن الأسود عوضه، وهو الذى مشى حول عسكر النبى صلى الله عليه وسلم فى نواحيه، ليحرز عددهم يوم بدر، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير رضى الله عنه المدينة، يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، فأسلم.
وسبب قدومه المدينة على ما قيل، أنه جلس يوما بعد بدر، مع صفوان بن أمية الجمحى فى الحجر، فتذاكرا قتلى بدر، فقال عمير: والله لولا بنات لى أخاف عليهم الضيعة بعدى، لذهبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لى عنده حجّة، أقول: جئت فى فداء أسيرى، فقال له صفوان: دينك علىّ، واجعل بناتك عدل بناتى ما حييت. قال: فاكتم علىّ. قال: فجهزه صفوان، ثم ذهب ليفتك بالنبى صلى الله عليه وسلم، فقدم المدينة، فأناخ بعيره عند باب النبى صلى الله عليه وسلم، ثم دخل المسجد متقلدا سيفه، فلما رآه عمر، وثب إليه، وقال: يا رسول الله: هذا عدو الله عمير بن وهب، الذى حزرنا يوم بدر، ولا نأمن غدره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه، فجاء حتى جلس بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبىصلى الله عليه وسلم: ما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لأفادى أسيرى، وتحسن إلىّ، قال: وأين ما جعلت لصفوان بن أمية وأنتما فى الحجر؟ فقال عمير: والله ما علم بهذا أحد يخبر بنا، إلا الله، وما سبقنى إليك أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
وكان صفوان يقول لقريش بعد مخرجه: أبشروا بوقيعة تنسيكم وقعة بدر، فيقال له: ما هى؟ فيقول: ستعلمونه بعد حين، وكان يسأل من قدم من المدينة عن عمير حتى أخبر بإسلامه، فجعل على نفسه ألا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنافعة أبدا.
وقال الواقدى: حدثنى محمد بن أبى حميد، عن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن أبيه، قال: لما قدم عمير بن وهب مكة، يعنى بعد أن أسلم، نزل بأهله، ولم يقف بصفوان بن أمية، فأظهر الإسلام، ودعا إليه، فبلغ ذلك صفوان، فقال: قد عرفت حين لم يبدأ بى قبل منزله، أنه قد ارتكس وصبأ، فلا أكلمه أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عليه