للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتابا إلى نائب قلعة الكرك، يأمره بإطلاق الظاهر، فأطلقه؛ وكان من أمره ما ذكرناه، وكان من أمر مماليكه الذين ثاروا بالقلعة، أنهم استولوا عليها لعجز أصحاب منطاش عن مقاومتهم، وبعثوا يبشرون مولاهم بذلك، وكان ممن بعثوه لبشارته عنان.

فلما عرف السلطان ذلك، أقبل إلى مصر، وأعرض عن حصار منطاش بدمشق، وبعد استقرار السلطان بالقلعة، شفع كبير مماليكه المستولين على القلعة، وهو بطا الدوادار، لعنان، فى ولاية مكة، فأجابه السلطان لسؤاله، ولكن أقر علىّ بن عجلان على ولاية نصف إمرة مكة، شريكا لعنان، لما فى نفسه على عنان، وتجهز عنان إلى مكة، ومعه شخص تركى من جهة السلطان، ليقلده الولاية بمكة، فلما انتهى عنان إلى ينبع، حسّن له وبير بن مخبار أمير ينبع، أن يحارب معه بنى إبراهيم، ووعده بشيء على ذلك، فمال إلى ذلك عنان.

وحارب مع وبير، بنى إبراهيم، فظهروا على بنى إبراهيم، ثم توجه عنان إلى مكة، وتلقاه كثير من بنى حسن، قبل وصوله إلى الوادى، ثم مشى الناس فى الألفة بينه وبين آل عجلان، فمال كل منهم إلى ذلك، فتوافقوا على أن كلا منهما، يدخل مكة لحاجته، فإذا قضاها خرج من مكة، ولكل منهما فيها نواب، بعضهم لقبض ما يخص كلا منهما من المتحصّل، وبعضهم للحكم بها، وأن يكون القواد مع عنان، والأشراف مع على، وكان الاتفاق على ذلك ووصوله إلى الوادى، فى النصف الأول من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.

وقبل نصفه بيومين، دخل عنان مكة لابسا لخلعة السلطان، وقرئ بها توقيعه، ثم دعى له على زمزم وفى الخطبة، ودام هذا بين المذكورين، إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ثم أزيل شعار ولاية عنان من مكة، غير الدعاء له فى الخطبة، فإنه لم يزل، وسبب ذلك، أن آل عجلان، قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب، وأخرجوا نوابه من مكة، بعد أن هموا بقتله بالمسعى، فى التاريخ المذكور، وما نجا إلا بجهد عظيم، وقصد فى حال هربه الأشراف، مستنصرا بهم على آل عجلان، وكانوا معه، فأمره الأشراف بالانتصار بالقواد أصحابه، فحركهم لنصره، فما تحركوا، لأنهم رأوا منه قبل ذلك تقصيرا، وسبب ذلك أن بعض آل عجلان، أحب تكدير خاطر القواد عليه ليتمكن منه آل عجلان، وقال لعنان: أرى القواد جفاة، ونحن نعينك عليهم، فظن ذلك حقيقة، وفعل ما أشير به عليه، فتأثر منه القواد، وحكوا ما رأوا منه لأصحابهم من آل عجلان، فذموه معهم، ونفروهم منه، فازدادوا نفورا، ولذلك تخلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>