وما أنا إلا المسك فى كل بقعة ... يضوع وأما عندكم فيضيع
ففى هذا البيت، مخالفة لما سبق فى ثلاث لفظات، والمعنى فى ذلك كله متقارب.
وذكر ابن الجوزى فى كتاب «الأذكياء» ما يقتضى أن بعض هذه الأبيات لغير قتادة، لأنه قال: كان لأحمد بن الخطيب، وكيل له فى ضياعه، فرفع إليه عنه جناية، فعزم على القبض عليه، والإساءة إليه فهرب، فكتب إليه أحمد يؤمّنه ويحلف له على بطلان ما اتصل إليه، ويأمره بالرجوع إلى عمله، فكتب إليه [من الطويل]:
أنا لك يا ذا سامع ومطيع ... وإنى لما تهوى إليه سريع
ولكن لى كفا أعيش ببطشها ... فما أشترى إلا بها وأبيع
أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغى ... خلاصها لها إنى إذا لرقيع
ورأيت من ينسب هذه الأبيات لأبى سعد بن قتادة، واعتمد فى ذلك على ورقة رأيتها معه: أن أبا سعد على بن قتادة، توجه إلى العراق، فلما أشرف على نخيل بغداد أو غيرها من البلاد ـ الشك منى ـ رجع وقال هذه الأبيات، ولا دلالة فى ذلك، لاحتمال أن يكون أبو سعد، قالها استشهادا، والله أعلم. ولم أرها معزوة لأبى سعد، إلا فى هذه الورقة، وقد عزاها ابن سعيد، وأبو شامة، وغيرهما، لقتادة كما ذكرنا، وفى ذلك النظر الذى ذكرناه من كلام ابن الجوزى.
وذكر المنذرى: أن قتادة توفى فى آخر جمادى الآخرة، من سنة سبع عشرة وستمائة بمكة. وذكر وفاته فى هذه السنة: أبو شامة والذهبى، وابن كثير، وقالوا: إنه مات فى جمادى الأولى.
وذكر ابن الأثير فى «الكامل»: أنه توفى سنة ثمان عشرة وستمائة، فى جمادى الآخرة، قال: وكان عمره نحوا من تسعين سنة. انتهى.
وقد سبق فى ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن الملك المسعود صاحب اليمن، لما ملك مكة بعد غلبه لحسن بن قتادة، أمر بنبش قبر قتادة وإحراقه، فوجدوا فى القبر تابوتا ليس فيه شئ، فعرف الناس بذلك، أن حسنا قتل أباه، ودفن التابوت فى قبره، ليخفى أمره. ويقال: إن سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، أن أباه قتادة، توعده بالقتل، لما بلغه أنه قتل عمه، بعد أن ندبه أبوه بجيش إلى المدينة مع ابنه حسن، وبلغ ذلك حسنا، فدخل على أبيه بعد عوده من المدينة، فبالغ أبوه فى ذمه وتهديده، فوثب إليه حسن فخنقه لوقته. هذا معنى ما ذكره ابن الأثير، فى سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، وصورة قتله.