للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأجازه بألف ألف درهم، وأقطعه موضع داره بالبصرة، بالكلّاء، التى تعرف بالزبير، وأقطعه موضع ماله بالبصرة التى تعرف بمنذران، فمات معاوية وهو عنده، قبل أن يقبض جائزته، وأوصى معاوية أن يدخل المنذر فى قبره، فكان أحد من نزل فى قبر معاوية.

فلما أراد يزيد بن معاوية أن يدفع إلى المنذر الجائزة التى أمر له بها معاوية، قيل له: ما تصنع؟ تعطى المنذر هذا المال، وأنت تتوقع خلاف أخيه لك، فيعينه به عليك! فقال: أكره أن أردّ شيئا فعله أبى، فقيل له: تعطيه إياه، ثم استسلفه منه، فإنه لا يردّك، فدفعه إليه ثم استسلفه إياه فأسلفه.

وقال الزبير: قال: قال عمى مصعب بن عثمان: فكان ولد المنذر يقبضون ذلك المال بعد من ولد يزيد بن معاوية، فأدركت صكّا فى كتب محمد بن المنذر، بمائتى ألف درهم، بقية ذلك المال. وكتب يزيد بن معاوية للمنذر بن الزبير: إلى عبيد الله بن زياد، بإنفاذ قطائعه، فأنفذها له عبيد الله، وأقطعه زيادة فيها، وورد على يزيد بن معاوية، خلاف عبد الله بن الزبير له، وإباؤه بيعته، فكتب إلى عبيد الله بن زياد: إن عبد الله بن الزبير أبى البيعة وصار إلى الخلاف، وقبلك أخوه المنذر، فاستوثق منه، وابعث به إلىّ. فورد كتابه بذلك على عبيد الله، فأخبر المنذر بما كتب إليه يزيد، وقال له: اخترمنى إحدى خلّتين، إن شئت اشتملت عليك، ثم كانت نفسى دون نفسك، وإن شئت فاذهب حيث شئت، وأنا أكتم الكتاب ثلاث ليال ثم أظهره، ثم أطلبك، فإن ظفرت بك، بعثت بك إليه. فاختار أن يكتم عنه الكتاب ثلاثا، ففعل، وخرج المنذر، فأصبح بمكة صبح ثامنة من الليالى، فقال بعض من يرجز معه:

قاسين قبل الصّبح ليلا منكرا ... حتى إذا الصبح انجلى فأسفرا

أصبحن صرعى بالكثيب حسّرا ... لو يتكلّمن شكون المنذرا (٢)

فسمع عبد الله بن الزبير صوت المنذر على الصفا ـ وابن الزبير فى المسجد الحرام ـ فقال: هذا أبو عثمان، جاشته إليكم الحرب. ثم تمثل [من الطويل]:

حررت على راجى الهوادة منهم ... وقد يلحق المولى العنود الجرائر (٣)


(٢) فى نسب قريش ٧/ ٢٤٥:
تركن بالرمل قياما ماحرا ... لو يتكلن اشتكين المنذرا

(٣) فى نسب قريش ٧/ ٢٤٥:
جنيت على باغى الهوادة منهم ... وقد تلحق المولى العنود الجرائر

<<  <  ج: ص:  >  >>