ومن مكاشفاته على ما أخبرنى به بعض أصحابنا: أن بعض الناس أرسل مع المخبر لى بخمسين درهما يعطيها للشيخ موسى المذكور، فجاء بها إليه، فردها، فسأل الآتى بها المرسل له بها: هل فيها شبهة؟ فقال: نعم. فأعطاه خمسين درهما من غير هذه الجهة، وأمر بإعطائها للشيخ موسى، فامتنع من قبولها ثانيا، فلامه الرسول على امتناعه، فقال له: تطعمنى النار! وأخبرنى صاحبنا المشار إليه: أنه أحضر للشيخ موسى حقّا فيه زنجبيل مربّى، فأكل منه الشيخ موسى أكلا كثيرا، فخطر ببال صاحب الزنجبيل، أنه لا يؤكل على هذه الصفة، لكونه يتداوى به، فما انقضى هذا الخاطر، إلا والشيخ موسى قد أعرض عن الأكل، وغطّى الحقّ وقال: ما بقينا نأكل شيئا.
وأخبرنى أيضا، أن بعض أصحابه دعاه إلى منزله، والشيخ موسى عنده، فقال له الشيخ موسى: تغدّى؟ فقال المخبّر لى: فقلت فى نفسى: أنا صائم. فقال الشيخ موسى: تعشّى عنده بعد المغرب.
وأخبرنى صاحبنا المشار إليه، عن الشيخ موسى بمكاشفات أخر، وهذا معنى ما أخبرنى به. وأخبرنى أيضا أن بعض أصحابه، تخوّف من بعض الأمراء لما ورد إلى مكة، قال: فاجتمعت بالشيخ موسى، وشكوت عليه ذلك، فقال: ما يصيبه إلا خير، فسلم من شر الأمير.
ومما بشّر به على ما أخبرنى به بعض أصحابنا، أنه استفتى بعض علماء مكة عن مسألة، فقال فى آخر السؤال: ويحجّون بالناس، ويقفون بهم بعرفة وغيرها، فقدّر أن المسئول حجّ بالناس، وفعل ما أشار إليه الشيخ موسى.
وأخبرنى المخبّر لى بهذه الحكاية، أنه عاد بعض الناس، فلما خرج من عنده، لقى الشيخ موسى، فقال له: كنتم عند فلان؟ فقال له المخبر: نعم. فقال له الشيخ موسى: ما يجئ منه شئ. فمات الرجل المشار إليه فى مرضه ذلك.
وبشارته ومكاشفته كثيرة، وقد سمعت بعض أصحابنا يقول: لم أر أكثر منه مكاشفة. وكنت أنا أجتمع به كثيرا، وأستفيد منه أشياء حسنة، وأول اجتماعى به بالقاهرة، فى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، وتوجه فيها أو بعدها بقليل إلى الحجاز، فحج وجاور بالحرمين الشريفين، وكان يغيب فى برارى المدينة اليوم واليومين، ثم يأتى ويخبر ببعض ما شاهده من الأمور التى أشرنا إليها وغيرها، وكان يجوع كثيرا وينفر من الناس، ويسألونه من الأكل عندهم، فيمتنع مع شدة جوعه، ثم تحيل عليه الناس، حتى استألفوه قليلا قليلا، فأنس بهم وصار يأكل عندهم، فكثرت شهوته للطعام، وصار