وكان نعيم، قديم الإسلام، أسلم بمكة قبل عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولكنه أقام بمكة حتى كان قبيل الفتح، لأنه كان ممن ينفق على أرامل بنى عدى وأيتامهم، فقال له قومه، حين أراد الهجرة وتشبثوا به: أقم عندنا ودن بأى دين شئت. فذكروا أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال له حين قدم عليه:«قومك يا نعيم، كانوا لك خيرا من قومى لى» قال: بل قومك خير يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن قومى أخرجونى، وأقرك قومك». فقال نعيم: يا رسول الله، قومك أخرجوك إلى الهجرة، وقومى حبسونى عنها.
وكان بيت عدى بن كعب فى الجاهلية، بيت بنى عويج، حتى تحول فى بيت بنى رزاح، بعمرو وزيد ابنى الخطاب رضى الله عنهما، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله.
قال عبد الرحمن بن نمير بن عبد الله: كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يأتى الشفاء، فإذا رأته قالت: هذا عمر، إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع ـ وقال غيره: إذا ضرب أوجع ـ وهو الناسك حقا، ما زال بنو عبيد تعلونا ظهرا، حتى جاءنا الله بك. قال نمير: وكان نعيم النحّام وأبوه من قبله، يحملون يتامى بنى عدى، ويمونهم.
قال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، عن عثمان بن عثمان، الذى كان قاضيا بالبصرة، وهو خال أبى عبيدة، قال: قال عبد الله بن عمر بن الخطاب لأبيه: اخطب علىّ بنت نعيم النحام، فقال له أبوه: اخطبها أنت، فإن ردك، اعرف. فخطبها عبد الله إلى نعيم، فلم يزوّجه إياها. فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه للنحام: خطب إليك ابن أخيك عبد الله بن عمر، فرددته! فقال له نعيم: لى ابن أخ مضعوف لا يزوجه الرجال، فإذا تركت لحمى تربا، فمن يذبّ عنه؟ .
وقتل نعيم بن عبد الله شهيدا بالشام، يوم أجنادين. انتهى.
وقال ابن عبد البر: كان نعيم النحام قديم الإسلام، يقال إنه أسلم بعد عشرة أنفس قبل الإسلام عمر بن الخطاب، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة، لأنه كان ينفق على أرامل بنى عدى وأيتامهم ويمونهم، فقالوا: أقم عندنا على أى دين شئت، وأقم على ربك، واكفنا ما أنت كاف من أمر أراملنا، فو الله لا يتعرض لك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعا دونك.